فعلى هذه القراءة" إن" هي النافية بمعنى : " ما" ، كالتي في قوله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢٠] ، فالمعنى : ما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا ، و" لمّا" في معنى" إلّا".
وقد حكى سيبويه : نشدتك الله لمّا فعلت ، وحمله على" إلّا". وزعموا أنّ [في](١) حرف أبيّ : " وما ذلك إلا متاع الحياة الدنيا".
فهذا يدل على أنّ" لمّا" بمعنى : " إلا" ، وأنّ" إن" بمعنى" ما". هذا كلام أبي علي (٢).
قوله تعالى : (وَالْآخِرَةُ) يريد : الجنة (عِنْدَ رَبِّكَ) أي : في حكمه (لِلْمُتَّقِينَ) خاصة ، إلا الدنيا فتكون للصالح والطالح.
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)(٣٨)
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)" يعش" : يعرض (٣). وقيل : يعم (٤). رويا عن ابن عباس.
__________________
(١) زيادة من الحجة (٣ / ٣٧٦).
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٣٧٦).
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٣١٥).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٢٨٣). وذكره الماوردي (٥ / ٢٢٥) ، والسيوطي في الدر (٧ / ٣٧٨) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.