قوله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) اختلف فيه وفي وقته على قولين :
أحدهما : أنه الجوع الذي أصاب كفار قريش بدعوة النبي صلىاللهعليهوسلم ، على ما أخبرنا به الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن البغداديان قالا : أخبرنا عبد الأول ، أخبرنا عبد الرحمن ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا يحيى ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : حدثنا عبد الله ـ يعني : ابن مسعود ـ قال : «إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصوا على النبي صلىاللهعليهوسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، فأنزل الله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ). قال : فأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقيل له : يا رسول الله! استسق الله لمضر فإنها قد هلكت ، قال لمضر : إنك لجريء ، فاستسقى فسقوا ، فنزلت : (إِنَّكُمْ عائِدُونَ) ، فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية ، فأنزل الله تعالى : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) قال : يعني يوم بدر» (١). هذا حديث متفق على صحته.
وفي الصحيحين أيضا عن ابن مسعود قال : «مضى خمس : الدخان ، والروم ، والقمر ، والبطشة ، واللزام» (٢). وإلى هذا القول ذهب مجاهد وأبو العالية
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤ / ١٨٢٣ ح ٤٥٤٤) ، ومسلم (٤ / ٢١٥٦ ح ٢٧٩٨).
(٢) أخرجه البخاري (٤ / ١٨٢٣ ح ٤٥٤٣) ، ومسلم (٤ / ٢١٥٧ ح ٢٧٩٨).