وقرأ سعيد بن جبير : " منّه" بفتح الميم وتشديد النون ورفعها (١) ، على معنى ذلك ، أو هو منه ، أو هو فاعل" سخّر".
قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) ذهب جمهور المفسرين إلى أنها نزلت في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فروى عطاء عن ابن عباس : أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها : المريسيع ، فأرسل عبد الله بن أبيّ غلامه ليستقي له ماء ، فأبطأ عليه ، فلما أتاه قال : ما حبسك؟ قال : غلام عمر ، ما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقرب أبي بكر ، وملأ لمولاه ، فقال عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل : سمّن كلبك يأكلك ، فبلغ عمر رضي الله عنه قوله ، فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه ، فنزلت هذه الآية (٢).
وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس أيضا قال : لما نزلت : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) [البقرة : ٢٤٥] قال يهودي بالمدينة يقال له : فنحاص : احتاج رب محمد ، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه ، فنزل جبريل بهذه الآية ، وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طلب عمر ، فلما جاء قال : يا عمر ضع سيفك ، وتلا عليه هذه الآية (٣).
وقال مقاتل (٤) : نزلت في عمر بن الخطاب ، وكان قد شتمه رجل ، فهمّ أن
__________________
(١) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٧ / ٣٥٦) ، والدر المصون (٦ / ١٢٧).
(٢) ذكره الواحدي في : أسباب نزول القرآن (ص : ٣٩٣) ، وابن الجوزي في : زاد المسير (٧ / ٣٥٧).
(٣) ذكره الواحدي في : أسباب نزول القرآن (ص : ٣٩٤) ، وابن الجوزي في : زاد المسير (٧ / ٣٥٨).
(٤) تفسير مقاتل (٣ / ٢١٢).