قال المصنف : ولست أبعد ما نفى صحته ، معللا بفساد معناه ، وإن كان الأوجه ما قاله أولا ؛ لأن المشركين اتخذوا الأصنام قربانا واتخذوها آلهة هي القربان عندهم.
وقال صاحب الكشاف (١) : التقدير : فلو لا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله آلهة قربانا ، ف" قربانا" مفعول ثان قدم على المفعول الأول ، أي : آلهة ذات قربان.
(بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) غابوا عن نصرتهم (وَذلِكَ إِفْكُهُمْ) أي : وذلك الاتخاذ إفكهم كذبهم وافتراؤهم.
وقيل : الإشارة بقوله : " وذلك" إلى امتناع نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم ، أي : وذلك أثر إفكهم وافترائهم الكذب على الله.
وقرأ سعد بن أبي وقاص وأبو عمران الجوني : " أفّكهم" بفتح الهمزة وقصرها وتشديد الفاء وفتحها وفتح الكاف (٢).
ومثل هذه القراءة قراءة ابن عباس ، وأبي رزين ، والشعبي ، وأبي العالية ، والجحدري ، إلا أنهم لم يشددوا الفاء (٣) ، على معنى : وذلك الاتخاذ صرفهم عن الحق وثناهم عنه ، والقراءة التي قبلها في معناها ، إلا أن التشديد للمبالغة.
__________________
ـ وقال السمين الحلبي في الدر المصون (٦ / ١٤٣) : ووجه الفساد ـ والله أعلم ـ : أن القربان اسم لما يتقرب به إلى الإله ، فلو جعلناه مفعولا ثانيا ، و" آلهة" بدلا منه ، لزم أن يكون الشيء المتقرب به آلهة ، والفرض أنه غير الآلهة ، بل شيء يتقرب به إليها ، فهو غيرها فكيف تكون الآلهة بدلا منه؟ وهذا ما لا يجوز.
(١) لم أقف عليه في الكشاف.
(٢) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٧ / ٣٨٦) ، والدر المصون (٦ / ١٤٣).
(٣) مثل السابق.