ومثل قراءة ابن عباس قرأ ابن الزبير ، إلا أنه مدّ الهمزة (١) ، على معنى : وذلك أصارهم إلى الإفك وأوقعهم فيه.
وقرأ ابن مسعود وأبو المتوكل بفتح الهمزة ومدها وكسر الفاء وتخفيفها ورفع الكاف (٢) ، على معنى : وذلك صارفهم عن الحق.
(وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٣٢)
قوله تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) اختلف العلماء في سبب صرفهم إليه صلىاللهعليهوسلم ؛ فقال قوم : كان ذلك بسبب رجمهم بالشهب. فروى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عباس قال : «انطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب [فرجعت](٣) الشياطين فقالوا : ما لكم؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب. قالوا : ما ذاك إلا من شيء
__________________
(١) انظر هذه القراءة في : البحر (٨ / ٦٦) ، والدر المصون (٦ / ١٤٣).
(٢) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٧ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧) ، والدر المصون (٦ / ١٤٣).
(٣) في الأصل : فرجت. والتصويب من الصحيحين.