وردّ ذلك عليهم ملحقا بهم عار الجهل ، فقال تعالى : (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) وهو فهمهم لأمور دنياهم دون أمور دينهم ، كما قال تعالى : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [الروم : ٧].
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً)(١٧)
ثم إن الله الرحيم الكريم فتح لهم باب الإنابة ولم يؤيّسهم من الخير على تقدير الاستجابة ، فذلك قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) وهم الذين تقدم ذكرهم ، (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) فيهم أربعة أقوال :
أحدها : أنهم أهل فارس. قاله ابن عباس ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء الخراساني ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وابن جريج في آخرين (١).
الثاني : أنهم فارس والروم. قاله الحسن (٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٦ / ٨٢) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٣٠٠). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٥١٩ ـ ٥٢٠) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس. ومن طريق آخر عن ابن جريج ، وعزاه لابن المنذر.
(٢) أخرجه مجاهد (ص : ٦٠٣) ، والطبري (٢٦ / ٨٢). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٥١٩) وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر.