جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ) [ص : ٨٥].
وأما (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ففيه وجهان عند أهل اللغة :
أحدهما : أنها تقول ذلك بعد امتلائها ، فتقول : هل من مزيد ، أي : هل بقي في موضع لم يمتلئ ، أي : قد امتلأت.
ووجه آخر : تقول : (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) تغيظا [على من عصى الله ، كما قال عزوجل : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً])(١) (وَزَفِيراً) [الفرقان : ١٢].
فأما قولها هذا ومخاطبتها ، فالله تعالى جعل فيها ما به تميز وتخاطب ، كما جعل فيما خلق أن يسبح بحمده ، وكما جعل في النملة أن قالت : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) [النمل : ١٨].
وقد زعم قوم أنها امتلأت فصارت صورتها صورة من لو ميز لقال : هل من مزيد ، [كما](٢) قال الشاعر :
امتلأ الحوض ، وقال : قطني |
|
مهلا رويدا قد ملأت بطني (٣) |
وليس هنا لك قول. وهذا لا يشبه ذلك ؛ لأن الله تعالى جل ذكره قد أعلمنا أن المخلوقات تسبح ، وأنا لا نفقه تسبيحها ، فلو كان ذلك إنما هو أن تدل على أنها مخلوقة كنا نفقه تسبيحها. هذا كله كلام الزجاج.
وقال غيره : المزيد إما مصدر وإما اسم مفعول ، كالمبيع.
__________________
(١) زيادة من معاني الزجاج (٥ / ٤٧).
(٢) زيادة من ب ، ومن معاني الزجاج ، الموضع السابق.
(٣) انظر البيت في : اللسان (مائدة : قطط ، قطن) ، وتاج العروس (مائدة : قطط) ، والماوردي (٥ / ٣٥٣) ، والقرطبي (٢ / ٣١ ، ١٥ / ٣٤٤ ، ١٧ / ١٨) ، وروح المعاني (٥ / ١٤٩ ، ١٨ / ١١٩).