(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ)(٣٤)
قوله تعالى : (فَذَكِّرْ) أي : عظ بالقرآن وخوّف به.
ثم نفى عنه ما قرفوه به فقال تعالى : (فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) أي : بإنعامه عليك (بِكاهِنٍ) تخبرهم بالمغيبات من غير وحي. والكاهن : الذي له رئيّ من الجن يخبره بالأمور المغيّبة (١) ، يقال : كهن يكهن كهانة ، مثل : كتب يكتب كتابة.
واعلم أن" أم" هاهنا في أوائل هذه الآي من قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ) إلى قوله : (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) منقطعة ، بمعنى : بل والهمزة.
قال أبو الفتح (٢) : هذا هو الموضع الذي يقول أصحابنا [فيه](٣) : أن" أم" المنقطعة بمعنى : بل ، للترك والتحول ، إلا أن ما بعد" بل" متيقّن ، وما بعد" أم" مشكوك فيه ومسؤول عنه ، كقول علقمة :
هل ما علمت وما استودعت مكتوم |
|
أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم (٤) |
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : كهن).
(٢) المحتسب (٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢).
(٣) زيادة من المحتسب (٢ / ٢٩١).
(٤) البيت لعلقمة بن عبدة الفحل. انظر : ديوانه (ص : ١٧) ، والكتاب (٣ / ١٧٨) ، والمقتضب (٣ / ٢٩٠) ، والمحتسب (٢ / ٢٩٠) ، وشرح المفصل لابن يعيش (٤ / ١٨) ، والهمع (٢ / ٢٣٣) ، والبحر (٥ / ٣٧١) ، والدر المصون (٤ / ٢٣٧) ، والأغاني (١٠ / ٢٠٣ ، ٢٠٦ ، ٢١٠).