ومعنا علي بن الفضيل بن عياض ، فلما قرأ الإمام : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) [خرّ](١) مغشيا عليه حتى فرغنا من الصلاة. فلما كان بعد ذلك قلنا له : أما سمعت الإمام يقرأ : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ)؟ قال : شغلني عنها : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ)(٢).
قوله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) هو على إضمار القول ، تقديره : يقال لهم إذا سحبوا إليها تحقيرا وتعنيفا وانتقاما منهم : هذه جهنم.
ثم أخبر عن حالهم فيها بقوله : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) قال الحسن والفراء (٣) : قد بلغ منتهى حرّه (٤).
قال قتادة : قد آنى طبخه منذ خلق الله السموات والأرض (٥).
قال الزجاج (٦) : آنى يأنى فهو آن ؛ إذا انتهى حرّه.
وقال ابن قتيبة (٧) : الحميم : الماء الحار ، والآني : الذي انتهت شدة حرّه.
قال المفسرون (٨) : يطوفون بين الجحيم وبين الحميم ، فإذا استغاثوا من النار
__________________
(١) في الأصل : فخر. والتصويب من ب.
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ١١٩).
(٣) معاني الفراء (٣ / ١١٨).
(٤) أخرجه الطبري (٢٧ / ١٤٤) عن الحسن.
(٥) أخرجه الطبري (٢٧ / ١٤٤). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧ / ٧٠٥) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.
(٦) معاني الزجاج (٥ / ١٠٢).
(٧) تفسير غريب القرآن (ص : ٤٣٩).
(٨) ذكره الماوردي (٥ / ٤٣٧) ، والواحدي في الوسيط (٤ / ٢٢٥) ، وابن الجوزي في زاد المسير ـ