وقد سبق بيان هذا المثل في سورة يونس (١) ، وفي سورة الكهف (٢).
والمقصود : تحقير شأن الدنيا وتعظيم أمر الآخرة ، ألا تراه يقول : (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) يعني : لمن كفر وعصى ، (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) لمن آمن وأطاع.
وباقي الآية والتي تليها مفسّر في آل عمران (٣) إلى قوله تعالى : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) فبيّن بهذا أنه لا يدخل أحد الجنة إلا بفضله سبحانه وتعالى.
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٢٤)
قوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ) يعني : من انقطاع المطر ونقصان الثمر وغير ذلك ، (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ) من الأمراض وموت الأولاد وغير ذلك ، (إِلَّا فِي كِتابٍ) وهو اللوح المحفوظ ، ومحله : الحال (٤) ، تقديره : إلا مكتوبا أو مثبتا في كتاب (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) أي : من قبل أن نخلق الأنفس أو المصيبة.
__________________
(١) عند الآية رقم : ٢٤.
(٢) عند الآية رقم : ٤٥.
(٣) عند الآية رقم : ١٨٥.
(٤) انظر : التبيان (٢ / ٢٥٦) ، والدر المصون (٦ / ٦٧٩).