وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (٥٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ
________________________________________________________
الله لا يغفر أن يشرك به في غير التائب من الشرك وكذلك قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) في غير التائب من العصيان ليكون أول الآية وآخرها على نسق واحد ، وتأولتها المرجئة على مذهبهم ، فقالوا : لمن يشاء : معناه لمن يشاء أن يؤمن ، وهذا أيضا بعيد ، لا يقتضيه اللفظ وقد ورد في القرآن آيات كثيرة في الوعيد فحملها المعتزلة على العصاة وحملها المرجئة على الكفار ، وحملها أهل السنة على الكفار ، وعلى من لا يغفر الله له من العصاة ، كما حملوا آية الوعد على المؤمنين الذين لم يذنبوا ، وعلى المذنبين التائبين ، وعلى من يغفر الله له من العصاة غير التائبين ، فعلى مذهب أهل السنة لا يبقى تعارض بين آية الوعد وآية الوعيد ، بل يجمع بين معانيها ، بخلاف قول غيرهم ؛ فإنّ الآيات فيه تتعارض ، وتلخيص المذاهب أن الكافر إذا تاب من كفره : غفر له بإجماع ، وإن مات على كفره : لم يغفر له ، وخلد في النار بإجماع ، وأن العاصي من المؤمنين إن تاب غفر له ، وإن مات دون توبة فهو الذي اختلف الناس فيه (الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) هم اليهود لعنهم الله ، وتزكيتهم قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقيل : مدحهم لأنفسهم (فَتِيلاً) الفتيل هو الخيط الذي في شق نواة التمرة ، وقيل : ما يخرج بين إصبعيك وكفيك إذا فتلتهما ، هو تمثيل وعبارة عن أقل الأشياء فيدل على الأكثر بطريق الأولى (يَفْتَرُونَ) دليل على أن تزكيتهم لأنفسهم بالباطل (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) قال ابن عباس : الجبت هو حيي بن أخطب ، والطاغوت كعب بن الأشرف ، وقال عمر بن الخطاب : الجبت السحر ، والطاغوت الشيطان ، وقيل الجبت الكاهن ، والطاغوت الساحر ، وبالجملة هما كل ما عبد وأطيع من دون الله (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآية : سببها أن حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف أو غيرهما من اليهود ، قالوا لكفار قريش : أنتم أهدى سبيلا من محمد وأصحابه (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) الهمزة للاستفهام مع الإنكار (نَقِيراً) النقير هي النقرة في ظهر النواة وهو تمثيل ، وعبارة عن أقل الأشياء ، والمراد وصف اليهود بالبخل لو كان لهم نصيب من الملك ، وأنهم حينئذ يبخلون بالنقير الذي هو أقل الأشياء ، ويبخلون بما هو أكثر منه من باب أولى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) وصفهم بالحسد مع البخل ، والناس هنا يراد بهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمته ، والفضل النبوة ، وقيل : النصر والعزة ، وقيل : الناس العرب والفضل كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ