بينهما ، ويكون الكلام الثاني هو المقصود : كخروج الشاعر من السب إلى المدح بمعنى يتعلق بالطرفين ، مع أنه قصد المدح.
الثاني والعشرون : المبالغة : وقد تكون بصيغة الكلمة نحو صيغة فعال ومفعال وقد تكون بالمبالغة في الإخبار أو الوصف ، فإن اشتدّت المبالغة فهو غلوّ وإغراب. وذلك مستكره عند أهل هذا الشأن.
الباب الحادي عشر : في إعجاز القرآن وإقامة الدليل على أنه من عند الله عزوجل ، ويدل على ذاك عشرة أوجه :
الأوّل : فصاحته التي امتاز بها عن كلام المخلوقين. الثاني : نظمه العجيب وأسلوبه الغريب من قواطع آياته وفواصل كلماته. الثالث : عجز المخلوقين في زمان نزوله وبعد ذلك إلى الآن عن الإتيان بمثله. الرابع : ما أخبر فيه من أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ولم يكن النبي صلىاللهعليهوسلم تعلم ذلك ولا قرأه في كتاب. الخامس : ما أخبر فيه من الغيوب المستقبلة فوقعت على حسب ما قال. السادس : ما فيه من التعريف بالباري جل جلاله. وذكر صفاته وأسمائه ، وما يجوز عليه. وما يستحيل عليه ، ودعوة الخلق إلى عبادته وتوحيده ، وإقامة البراهين القاطعة ، والحجج الواضحة ، والردّ على أصناف الكفار ، وذلك كله يعلم بالضرورة أنه لا يصل إليه بشر من تلقاء نفسه ، بل بوحي من العليم الخبير ، ولا يشك عاقل في صدق من عرف الله تلك المعرفة وعظم جلاله ذلك التعظيم ودعا عباد الله إلى صراطه المستقيم. السابع : ما شرع فيه من الأحكام وبين من الحلال والحرام ، وهدى إليه من مصالح الدنيا والآخرة ، وأرشد إليه من مكارم الأخلاق ، وذلك غاية الحكمة وثمرة العلوم. الثامن : كونه محفوظا عن الزيادة والنقصان ، محروسا عن التغيير والتبديل على طول الزمان ، بخلاف سائر الكتب. التاسع : تيسيره للحفظ وذلك معلوم بالمعاينة. العاشر : كونه لا يمله قارئه ولا سامعه على كثرة الترديد ، بخلاف سائر الكلام.
الباب الثاني عشر : في فضل القرآن. وإنما نذكر منه ما ورد في الحديث الصحيح ، فمن ذلك ما ورد عن أبي أمامة الباهلي قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» (١) وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه ويتعتع به وهو عليه شاق فله أجران» (٢) وعن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة : ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة : لا ريح لها وطعمها طيب ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة : ريحها طيب وطعمها مرّ ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة : ليس لها ريح وطعمها
__________________
(١). رواه مسلم نقلا عن النووي في رياض الصالحين باب فضائل القرآن.
(٢). متفق عليه نقلا عن النووي.