وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠) قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٧١)
________________________________________________________
المعاش ، وفي الطواف بالبيت وغير ذلك ، ثم نسخت بآية النساء ، وهي : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ) [١٣٩] ، الآية ، وقيل : إنها لا تقتضي إباحة القعود (وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) فيه وجهان أحدهما أن المعنى ليس على المؤمنين حساب الكفار ، ولكن عليهم تذكيرا لهم ، ووعظ ، وإعراب ذكرى على هذا نصب على المصدر وتقديره يذكرونهم ذكرى ، أو رفع على المبتدإ تقديره عليهم ذكرى ، والضمير في لعلهم عائد على الكفار : أي يذكرونهم رجاء أن يتقوا أو عائد على المؤمنين أي يذكرونهم ليكون تذكيرهم ووعظهم تقوى الله. الوجه الثاني : أن المعنى ليس نهي المؤمنين عن القعود مع الكافرين بسبب أن عليهم من حسابهم شيء ، وإنما هو ذكرى للمؤمنين ، وإعراب ذكرى على هذا خبر ابتداء مضمر تقديره : ولكن نهيهم ذكرى أو مفعول من أجله تقديره : إنما نهوا ذكرى ، والضمير في لعلهم على هذا للمؤمنين لا غير (وَذَرِ الَّذِينَ) قيل إنها متاركة منسوخة بالسيف ، وقيل : بل هي تهديد فلا متاركة ولا نسخ فيها (اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) أي اتخذوا الدين الذي كان ينبغي لهم لعبا ولهوا لأنهم سخروا منا واتخذوا الدين الذي يعتقدونه لعبا ولهوا ؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث فهم يلعبون ويلهون (وَذَكِّرْ بِهِ) الضمير عائد على الدين أو على القرآن (أَنْ تُبْسَلَ) قيل : معناه أن تحبس ، وقيل : تفضح ، وقيل : تهلك وهو في موضع مفعول من أجله أي ذكر به كراهة أن تبسل نفس (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ) أي : وإن تعط كل فدية لا يؤخذ منها (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) الآية : إقامة حجة وتوبيخ للكفار (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) أي نرجع من الهدى إلى الضلال وأصل الرجوع على العقب في المشي ، ثم استعير في المعاني ، وهذه جملة معطوفة على أندعو ، والهمزة فيه للإنكار والتوبيخ (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) الكاف في موضع نصب على الحال من الضمير في نرد : أي كيف نرجع مشبهين من استهوته الشياطين ، أو نعت لمصدر محذوف تقديره ردا كرد الذي ، ومعنى استهوته الشياطين : ذهبت به في مهامه الأرض ، وأخرجته عن الطريق فهو : استفعال من هوى يهوى في الأرض إذا ذهب فيها ، وقال الفارسي : استهوى بمعنى : أهوى ومثل استذل بمعنى أذل (حَيْرانَ) أي ضال عن الطريق ، وهو نصب على الحال من المفعول في استهوته (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا) أي لهذا المستهوي