بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (٨٢) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (٨٦) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٨٧) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا
________________________________________________________
كلام إبراهيم (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) لما نزلت هذه الآية أشفق منها أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى اله وسلّم : إنما ذلك كما قال لقمان لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] (وَتِلْكَ حُجَّتُنا) إشارة إلى ما تقدم من استدلاله واحتجاجه (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) الضمير لإبراهيم أو لنوح عليهماالسلام ، والأول هو الصحيح لذكر لوط وليس من ذرية إبراهيم داود عطف على نوحا أي وهدينا داود (وَعِيسى) فيه دليل على أن أولاد البنات يقال فيهم ذرية ، لأن عيسى ليس له أب فهو ابن ابنة نوح (١) (وَمِنْ آبائِهِمْ) في موضع نصب عطف على كلا أي وهدينا بعض آبائهم (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) أي أهل مكة (وَكَّلْنا بِها قَوْماً) هم الأنبياء المذكورون ، وقيل : الصحابة ، وقيل : كل مؤمن. والأول أرجح لدلالة ما بعده على ذلك ، ومعنى توكيلهم بها : توفيقهم للإيمان بها والقيام بحقوقها (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ) إشارة إلى الأنبياء المذكورين (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) استدل به من قال : إن شرع من قبلنا شرع لنا ، فأما أصول الدين من التوحيد والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فاتفقت فيه جميع الأمم والشرائع ، وأما الفروع ففيها وقع الاختلاف بين الشرائع ؛ والخلاف هل يقتدي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها بمن قبله أم لا؟ والهاء في اقتده للوقف فينبغي أن تسقط في الوصل ، ولكن من أثبتها فيه راعى ثبوتها في خط المصحف (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي ما عرفوه حق معرفته ، في اللطف بعباده والرحمة لهم ؛ إذ أنكروا بعثه للرسل وإنزاله للكتب ، والقائلون هم : اليهود بدليل ما بعده ، وإنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وروي أن الذي قالها منهم مالك بن الضيف ، فرد الله عليهم بأن ألزمهم ما لا بد لهم من الإقرار به وهو إنزال التوراة على موسى ، وقيل : القائلون قريش ،
__________________
(١). لعل الصواب : ابراهيم حسب رأي المؤلف في ترجيح عودة الضمير في : ذريته إلى إبراهيم والله أعلم.