قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (٥٢) قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٣) وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥) وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي
________________________________________________________
وقضى ، وهذا رد على المنافقين (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) أي هل تنتظرون بنا إلا إحدى أمرين : إما الظفر والنصر ، وإما الموت في سبيل الله وكل واحد من الخصلتين حسن (بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) المصائب وما ينزل من السماء أو عذاب الآخرة (أَوْ بِأَيْدِينا) يعني القتل (فَتَرَبَّصُوا) تهديد (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ) تضمن الأمر هنا معنى الشرط ، فاحتاج إلى جواب ، والمعنى : لن يتقبل منكم سواء أنفقتم طوعا أو كرها ، والطوع والكره عموم في الإنفاق أي : لن يتقبل على كل حال (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا) تعليل لعدم قبول نفقاتهم بكفرهم ، ويحتمل أن يكون إنهم كفروا فاعل ما منعهم ، أو في موضع مفعول من أجله والفاعل الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها) قيل : العذاب في الدنيا بالمصائب ، وقيل : ما ألزموا من أداء الزكاة (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) إخبار بأنهم يموتون على الكفر (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) أي من المؤمنين (يَفْرَقُونَ) يخافون (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً) أي ما يلجأ إليه من المواضع (أَوْ مَغاراتٍ) هي الغيران في الجبال (أَوْ مُدَّخَلاً) وزنه مفتعل من الدخول ومعناه نفق أو سرب في الأرض (يَجْمَحُونَ) أي يسارعون (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) أي يعيبك على قسمتها ، والآية في المنافقين كالتي قبلها وبعدها ؛ وقيل : في ذي الخويصرة الذي قال : اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم : «ويلك إن لم أعدل فمن يعدل (١) الحديث» (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا) الآية : ترغيب لهم فيما هو خير لهم ، وجواب لو محذوف تقديره : لكان ذلك خيرا لهم.
(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) الآية : إنما هنا تقتضي حصر الصدقات وهي الزكاة في هذه الأصناف الثمانية ، فلا يجوز أن يعطى منها غيرهم ، ومذهب مالك أن تفريقها
__________________
(١). أخرجه أحمد عن جابر بن عبد الله ج ٣ ص ٤٤٨.