الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦١) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (٦٣) يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (٦٤)
________________________________________________________
في هؤلاء الأصناف إلى اجتهاد الإمام ، فله أن يجعلها في بعض دون بعض ، ومذهب الشافعي : أنه يجب أن تقسم على جميع هذه الأصناف بالسواء ، واختلف العلماء هل الفقير أشد حاجة من المسكين أو بالعكس؟ فقيل : هما سواء ، وقيل الفقير الذي يسأل الناس ويعلم حاله ، والمسكين ليس كذلك (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) أي الذين يقبضونها ويفرقونها (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) كفار يعطون ترغيبا في الإسلام ، وقيل : هم مسلمون يعطون ليتمكن إيمانهم ، واختلف هل بقي حكمهم أو سقط للاستغناء عنهم (وَفِي الرِّقابِ) يعني العبيد يشترون ويعتقون (وَالْغارِمِينَ) يعني من عليه دين ، ويشترط أن يكون استدان في غير فساد ولا سرف (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) يعني الجهاد فيعطى منها المجاهدون ويشتري منها آلات الحرب ، واختلف هل تصرف في بناء الأسوار وإنشاء الأساطيل؟ (وَابْنِ السَّبِيلِ) هو الغريب المحتاج (فَرِيضَةً) أي حقا محمودا : ونصبه على المصدر ، فإن قيل. لم ذكر مصرف الزكاة في تضاعيف ذكر المنافقين؟ فالجواب أنه حصر مصرف الزكاة في تلك الأصناف ليقطع طمع المنافقين فيها ، فاتصلت هذه الآية في المعنى بقوله : ومنهم من يلمزك في الصدقات الآية (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) يعني من المنافقين وإذايتهم للنبي صلىاللهعليهوسلم بالأقوال والأفعال (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) أي يسمع كل ما يقال له ويصدّقه ، ويقال : إنّ قائل هذه المقالة هو نبيل بن الحارث وكان من مردة المنافقين ، وقيل : عتاب بن قيس (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) أي يسمع الخير والحق (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي يصدقهم يقال : آمنت لك إذا صدقتك ، ولذلك تعدّى هذا الفعل بإلى وتعدّى يؤمن بالله بالباء (وَرَحْمَةٌ) بالرفع عطف على أذن ، وبالخفض على خير (يَحْلِفُونَ) يعني المنافقين (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) تقديره : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك ، فهما جملتان حذف الضمير من الثانية لدلالة الأولى عليها ، وقيل : إنما وحد الضمير لأن رضا الله ورسوله واحد (مَنْ يُحادِدِ اللهَ) يعني من يعادي ويخالف (فَأَنَّ لَهُ) إن هنا مكررة تأكيدا للأولى ، وقيل : بدل منها ، وقيل : التقدير فواجب أن له ، فهي في موضع خبر مبتدأ محذوف (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) يعني في شأنهم سورة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، والضمائر في عليهم وتنبئهم وقلوبهم تعود على المنافقين ، وقال الزمخشري : إن الضمير في عليهم وتنبئهم للمؤمنين ، وفي قلوبهم للمنافقين ، والأول أظهر (قُلِ اسْتَهْزِؤُا) تهديد (إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) صنع ذلك بهم