قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (١٢٥) أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ (١٢٧) لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (١٢٨) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)
________________________________________________________
للفرقة التي خرجت مع السرايا (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) الضمير للقوم (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) أمر بقتال الأقرب فالأقرب على تدريج ، وقيل : إنها إشارة إلى قتال الروم بالشام ، لأنهم كانوا أقرب الكفار إلى أرض العرب ، وكانت أرض العرب قد عمها الإسلام ، وكانت العراق حينئذ بعيدة (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) أي من المنافقين من يقول بعضهم لبعض : أيكم زادته هذه إيمانا على وجه الاستخفاف بالقرآن : كأنهم يقولون أي عجب في هذا؟ وأي دليل في هذا؟ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) وذلك لما يتجدد عندهم من البراهين والأدلة عند نزول كل سورة (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) المرض : عبارة عن الشك والنفاق والمعنى : زادتهم رجسا إلى رجسهم أو زادتهم كفرا ونفاقا إلى كفرهم ونفاقهم (يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ) قيل : يفتنون أي يختبرون بالأمراض والجوع ، وقيل : بالأمر بالجهاد ، واختار ابن عطية أن يكون المعنى يفضحون بما يكشف من سرائرهم (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) أي : تغامزوا ، وأشار بعضهم إلى بعض على وجه الاستخفاف بالقرآن ، ثم قال بعضهم لبعض : هل يراكم من أحد؟ كأن سبب خوفهم أن ينقل عنهم ذلك. وقيل : معنى نظر بعضهم إلى بعض على وجه التعجب مما ينزل في القرآن ؛ من كشف أسرارهم ثم قال بعضهم لبعض (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أي هل رأى أحوالكم فنقلها عنكم أو علمت من غير نقل فهذا أيضا على وجه التعجب (ثُمَّ انْصَرَفُوا) يحتمل أن يراد الانصراف بالأبدان ، أو الانصراف بالقلوب عن الهدى (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) دعاء أو خبر (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) تعليل لصرف قلوبهم (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) يعني النبي صلىاللهعليهوسلم ، والخطاب للعرب أو لقريش خاصة أي من قبيلتكم حيث تعرفون حسبه وصدقه وأمانته أو لبني آدم كلهم : أي من جنسكم وقرئ من أنفسكم بفتح الفاء أي من أشرفكم (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) أي يشق عليه عنتكم ، والعنت : هو ما يضرهم في دينهم أو دنياهم وعزيز صفة للرسول ، وما عنتم فاعل بعزيز ، وما مصدرية أو ما عنتم مصدر ، وعزيز خبر مقدّم والجملة في موضع الصفة (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي حريص على إيمانكم وسعادتكم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) سماه الله هنا باسمين من أسمائه (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ) أي إن أعرضوا عن الإيمان ، فاستعن بالله وتوكل عليه وقيل : إن هاتين الآيتين نزلتا بمكة.