إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (١٠) قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (١٢) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (١٦) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧)
________________________________________________________
عنها ، فهم السائلون على هذا ، واللفظ أعم من ذلك (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ) هو بنيامين ، وهو أصغر من يوسف ، ويقال إنه شقيق يوسف ، وكان أصغر أولاد يعقوب (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي جماعة نقدر على النفع والضر بخلاف الصغيرين ، والعصبة : العشرة فما فوقها إلى الأربعين (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي خطأ وخروج عن الصواب بإفراط حبه ليوسف وأخيه (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) أي لا يشارككم غيره في محبته لكم وإقباله عليكم (قَوْماً صالِحِينَ) أي بالتوبة والاستقامة وقيل : هو صلاح حالهم مع أبيهم (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) هو يهوذا ، وقيل : روبيل (غَيابَتِ الْجُبِ) (١) غوره وما غاب منه (السَّيَّارَةِ) جمع سيار ، وهم القوم الذين يسيرون في الأرض للتجارة ، وغيرها (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) أي هذا هو الرأي إن فعلتموه (ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) أي : لم تخاف عليه منا ، وقرأ السبع تأمنا ، بالإدغام والإشمام ، لأن أصله بضم النون الأولى (يَرْتَعْ) (٢) من قرأه بكسر العين فهو من الرعي أي من رعي الإبل ، أو من رعي بعضهم لبعض ، وحراسته ، ومن قرأه بالإسكان ، فهو من الرتع وهو الإقامة في الخصب والتنعم ، والتاء على هذا أصلية ، ووزن الفعل يفعل ، ووزنه على الأول نفتعل ، ومن قرأ : يرتع ويلعب بالياء فالضمير ليوسف ، ومن قرأ بالنون فالضمير للمتكلمين وهم إخوته ، وإنما قالوا : نلعب ، لأنهم لم يكونوا حينئذ أنبياء ، وكان اللعب من المباح للتعلم كالمسابقة بالخيل (وَأَجْمَعُوا) أي عزموا ، وجواب لما محذوف ، وقيل : إنه أجمعوا ، أو وأوحينا على زيادة الواو (وَأَوْحَيْنا) يحتمل أن يكون هذا الوحي بواسطة ملك ، أو بإلهام ، والضمير في إليه ليوسف ، وقيل : ليعقوب والأول هو الصحيح ، (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في موضع الحال من لتنبئنهم أي : لا يشعرون حين تنبئهم فيكون خطابا ليوسف عليهالسلام ، أو من أوحينا لا يشعرون حين أوحينا إليه فيكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم (نَسْتَبِقُ) أي نجري على أقدامنا لننظر أينا يسبق (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) أي بمصدّق لمقالتنا
__________________
(١). قرأ نافع : غيابات. والباقون : غيابة.
(٢). قرأ أهل المدينة والكوفة : يرتع ويلعب وقرأ نافع وابن كثير : نرتع والباقون : يرتع. والذئب : قرأها أبو عمرو والكسائي وورش عن نافع الذيب ، والباقون الذئب بالهمز.