نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٧) نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٧) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٣٨) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (٤١) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ
________________________________________________________
السجن (قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) الآية : تقتضي أنه وصف لهما نفسه بكثرة العلم ، ليجعل ذلك وصلة إلى دعائهما لتوحيد الله ، وفيه وجهان : أحدهما أنه قال يخبرهما بكل ما يأتيهما في الدنيا من طعام قبل أن يأتيهما ، وذلك من الإخبار بالغيوب الذي هو معجزة الأنبياء ، والآخر أنه قال : لا يأتيكما طعام في المنام إلا أخبرتكما بتأويله قبل أن يظهر تأويله في الدنيا (ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) روي أنهما قالا له : من أين لك هذا العلم وأنت لست بكاهن ولا منجم؟ فقال : ذلكما مما علمني ربي (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) يحتمل أن يكون هذا الكلام تعليلا لما قبله من قوله : علمني ربي أو يكون استئنافا.
(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) نسبهما إلى السجن إما لأنهما سكناه أو لأنهما صاحباه فيه ، كأنه قال يا صاحبيّ في السجن (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ) الآية : دعاهما إلى توحيد الله ، وأقام عليهما الحجة رغبة في إيمانهما (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً) أوقع الأسماء هنا موقع المسميات والمعنى سميتم ما لا يستحق الألوهية آلهة ثم عبدتموها (مِنْ سُلْطانٍ) أي حجة وبرهان (فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) يعني الملك (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا) الظن هنا يحتمل أن يكون بمعنى اليقين ، لأن قوله : قضي الأمر يقتضي ذلك ، أو يكون على بابه ، لأن عبارة الرؤيا ظن (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) يعني الملك (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) قيل : الضمير ليوسف ، أي نسي في ذلك الوقت أن يذكر الله ، ورجا غيره فعاقبه الله على ذلك بأن لبث في السجن ، وقيل : الضمير للذي نجا منهما ، وهو الساقي. أي نسي ذكر يوسف عند ربه ، فأضاف الذكر إلى ربه إذ هو عنده ، والرب على هذا التأويل الملك (بِضْعَ سِنِينَ) البضع من الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : إلى التسعة ، وروي أن يوسف عليهالسلام سجن خمس سنين أولا ، ثم سجن بعد قوله ذلك سبع سنين.
(وَقالَ الْمَلِكُ) هو ملك مصر الذي كان العزيز خادما له واسمه ريّان بن الوليد ، وقيل : مصعب بن الريان ، وكان من الفراعنة ، وقيل : إنه فرعون موسى عمّر أربعمائة سنة حتى أدركه موسى وهذا بعيد (إِنِّي أَرى) في المنام (سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ