يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩) وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (٤٣)
________________________________________________________
غير عكس ، أي لكل أجل كتاب كتبه الله في اللوح المحفوظ. (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (١) قيل : يعني ينسخ ما يشاء من القرآن والأحكام ، ويثبت منها ما يشاء ، وقيل : هي في آجال بني آدم ، وذلك أن الله تعالى قدر في ليلة القدر ، وقيل : في ليلة النصف من شعبان بكتب أجل من يموت في ذلك العام ، فيمحوه من ديوان الأحياء ، ويثبت من لا يموت في ذلك العام ، وقيل : إن المحو والإثبات على العموم في جميع الأشياء ، وهذا تردّه القاعدة المتقررة أن القضاء لا يبدل ، وأن علم الله لا يتغير ، فقال بعضهم : المحو والإثبات في كل شيء إلا في السعادة والشقاوة الأخروية ، والآجال (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) أصل كل كتاب ، وهو اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه مقادير الأشياء كلها.
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) إن شرط دخلت عليها ما المؤكدة وجوابها : (فَإِنَّما أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) الإتيان هنا بالقدرة والأمر ، والأرض أرض الكفار ونقصها هو بما يفتح الله على المسلمين منها ، والمعنى أو لم يروا ذلك فيخافوا أن نمكنك منهم ، وقيل : الأرض جنس ، ونقصها بموت الناس ، وهلاك الثمرات وخراب البلاد (٢) وشبه ذلك (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) المعقب الذي يكر على الشيء فيبطله (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) تسمية للعقوبة باسم الذنب وسيعلم الكافر (٣) تهديد ، والمراد بالكافر الجنس بدليل قراءة (الْكُفَّارُ) بالجمع ، وعقبى الدار الدنيا والآخرة (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أمره الله أن يستشهد الله على صحة نبوته وشهادة الله له هي : علمه بذلك وإظهاره الآيات الدالة على ذلك (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) معطوف على اسم الله على وجه الاستشهاد به ، وقيل : المراد عبد الله بن سلام ومن أسلم من اليهود والنصارى الذين يعلمون صفته صلىاللهعليهوسلم من التوراة والإنجيل ، وقيل : المراد المؤمنون الذين يعلمون علم القرآن ودلالته على النبوّة ، وقيل : المراد الله تعالى ، فهو الذي عنده علم الكتاب ، ويضعف هذا ، لأنه عطف صفة على موصوف ، ويقويه قراءة : ومن عنده بمن الجارة وخفض عنده.
__________________
(١). ويثبت : بالتخفيف قراءة ابن كثير وأبو عمرو وعاصم. وبالتشديد : يثبّت : قرأ الباقون.
(٢). ربما دلت الآية على ما يحدث في الأرض من خسف وغرق لبعض الأماكن والجزر في المحيطات بسبب الزلازل والبراكين كما صار مشهورا في أيامنا.
(٣). قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : الكافر وقرأ الباقون : الكفار.