لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)
________________________________________________________
الحديث ، والمثاني : مشتق من التثنية وهي التكرير ، لأن الفاتحة تكرر قراءتها في الصلاة ، ولأن غيرها من السور تكرر فيها القصص وغيرها ، وقيل : هي مشتقة من الثناء ، لأن فيها ثناء على الله ، ومن يحتمل أن تكون للتبعيض أو لبيان الجنس ، وعطف القرآن على السبع المثاني ؛ لأنه يعني ما سواها من القرآن فهو عموم بعد الخصوص (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) أي لا تنظر إلى ما متعناهم به في الدنيا كأنه يقول : قد آتيناك السبع المثاني والقرآن العظيم ، فلا تنظر إلى الدنيا ، فإن الذي أعطيناك أعظم منها (أَزْواجاً مِنْهُمْ) يعني أصنافا من الكفار (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي لا تتأسف لكفرهم (وَاخْفِضْ جَناحَكَ) أي تواضع ولن (لِلْمُؤْمِنِينَ) والجناح هنا استعارة (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) الكاف من كما متعلقة بقوله : أنا النذير أي أنذر قريشا عذابا مثل العذاب الذي أنزل على المقتسمين ، وقيل : متعلق بقوله : ولقد آتيناك أي أنزلنا عليك كتابا كما أنزلنا على المقتسمين ، واختلف في المقتسمين فقيل : هم أهل الكتاب الذين آمنوا ببعض كتابهم وكفروا ببعضه ، فاقتسموا إلى قسمين ، وقيل : هم قريش اقتسموا أبواب مكة في الموسم ، فوقف كل واحد منهم على باب ، يقول أحدهم : هو شاعر ، ويقول الآخر : هو ساحر ، وغير ذلك (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي أجزاء ، وقالوا فيه أقوالا مختلفة وواحد عضين عضة وقيل : هو من العضه وهو السحر ، والعاضه الساحر ، والمعنى على هذا أنه سحر ، والكلمة محذوفة اللام ولامها على القول الأول واو وعلى الثاني هاء (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) إن قيل : كيف يجمع بين هذا وبين قوله فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان؟ فالجواب أن السؤال المثبت هو على : وجه الحساب والتوبيخ ، وأن السؤال المنفي هو : على وجه الاستفهام المحض لأن الله يعلم الأعمال فلا يحتاج إلى السؤال عنها (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أي صرح به وأنفذه (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) يعني قوما من أهل مكة ؛ أهلكهم الله بأنواع الهلاك من غير سعى النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا خمسة : الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل ، والأسود بن عبد المطلب ، والأسود بن عبد يغوث وعدي بن قيس ، وقصة هلاكهم مذكورة في السير ، وقيل : الذين قتلوا ببدر كأبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وغيرهم ، والأول أرجح ، لأن الله كفاه إياهم بمكة قبل الهجرة (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم وتأنيس (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) أي الموت.