بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (٦) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠) وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ
________________________________________________________
نفر الرجل إذا خرج مسرعا ، أو جمع نفر (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) أحسنتم الأول بمعنى الحسنات ، والثاني بمعنى الإحسان كقولك : أحسنت إلى فلان ، ففيه تجنيس ، واللام فيه بمعنى إلى ، وكذلك اللام في قوله : وإن أسأتم فلها (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) يعنى إذا أفسدوا في المرة الأخيرة ، بعث الله عليهم أولئك العباد للانتقام منهم ، فالآخرة صفة للمرة ، ومعنى يسوؤا : يجعلونها تظهر فيها آثار الشر والسوء كقوله : سيئت وجوه الذين كفروا ، واللام لام كي وهي تتعلق ببعثنا المحذوف لدلالة الأول عليه ، وقيل : هي لام الأمر (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) يعنى بيت المقدس (وَلِيُتَبِّرُوا) من التبار ، وهو الإهلاك وشدّة الفساد (ما عَلَوْا) ما مفعول ليتبروا : أي يهلكوا ما غلبوا عليه من البلاد ، وقيل إن ما ظرفية أي يفسدوا مدة علوهم.
(عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) خطاب لبني إسرائيل ومعناه ترجية لهم بالرحمة إن تابوا بعد الرحمة الثانية (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) خطاب لبني إسرائيل : أي إن عدتم إلى الفساد عدنا إلى عقابكم ، وقد عادوا فبعث الله عليهم محمدا صلىاللهعليهوسلم وأمته يقتلونهم ويذلونهم إلى يوم القيامة. (حَصِيراً) أي سجنا وهو من الحصر ، وقيل : أراد به ما يفرش ويبسط كالحصير المعروف (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) أي الطريقة والحالة التي هي أقوم ، وقيل : يعنى لا إله إلا الله ، واللفظ أعم من ذلك (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) المعنى ذم ، وعتاب لما يفعله الناس عند الغضب من الدعاء على أنفسهم وأموالهم وأولادهم ، وأنهم يدعون بالشر في ذلك الوقت كما يدعون بالخير في وقت التثبت ، وقيل : إن الآية نزلت في النضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك [الأنفال : ٣٢] الآية ، وقد تقدم أن الصحيح في قائلها أنه أبو جهل (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) الإنسان هنا وفي الذي قبله اسم جنس ، وقيل : يعنى هنا آدم وهو بعيد.
(فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) فيه وجهان : أحدهما أن يراد أن الليل والنهار آيتان في أنفسهما ، فتكون الإضافة في آية الليل وآية النهار كقولك : مسجد الجامع أي الآية التي هي الليل ، والآية التي هي النهار ومحو آية الليل على هذا كونه مظلما. والوجه الثاني أن يراد بآية الليل القمر ، وآية النهار الشمس ، ومحو آية الليل على هذا كون القمر لم يجعل له ضوء الشمس (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) يحتمل أن يريد النهار بنفسه أو الشمس ، ومعنى مبصرة تبصر