……………………………………………………………………………….
________________________________________________________
(هُدىً) هنا بمعنى الإرشاد لتخصيصه بالمتقين ، ولو كان بمعنى البيان لعم كقوله : (هُدىً لِلنَّاسِ). وإعرابه : خبر ابتداء ، أو مبتدأ وخبره : فيه ، عند ما يقف على لا ريب ، أو منصوب على الحال والعامل فيه الإشارة (لِلْمُتَّقِينَ) مفتعلين من التقوى ، وقد تقدّم معناه في الكتاب ، فنتكلم عن التقوى في ثلاثة فصول.
الأوّل : في فضائلها المستنبطة من القرآن ، وهي خمس عشرة : الهدى كقوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢] والنصرة ، لقوله : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) [النحل : ١٢٨] والولاية لقوله : (اللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) [الجاثية : ١٨] والمحبة لقوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [براءة : ٤] والمغفرة لقوله : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) [الأنفال : ٢٩] والمخرج من الغم والرزق من حيث لا يحتسب لقوله : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق : ٢] الآية وتيسير الأمور لقوله : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) [الطلاق : ٤] وغفران الذنوب وإعظام الأجور لقوله : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) [الطلاق : ٥] وتقبل الأعمال لقوله : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة : ٢٧] والفلاح لقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [البقرة : ١٨٩] والبشرى لقوله : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) [يونس : ٦٤] ودخول الجنة لقوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [القلم : ٣٤] والنجاة من النار لقوله : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) [مريم : ٧٢].
الفصل الثاني : البواعث على التقوى عشرة : خوف العقاب الأخروي ، وخوف العقاب الدنيوي ، ورجاء الثواب الدنيوي ، ورجاء الثواب الأخروي ، وخوف الحساب ، والحياء من نظر الله ، وهو مقام المراقبة ، والشكر على نعمه بطاعته ، والعلم لقوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] وتعظيم جلال الله ، وهو مقام الهيبة ، وصدق المحبة لقول القائل : ـ
تعصي الإله وأنت تظهر حبه |
|
هذا لعمري في القياس بديع |
لو كان حبك صادقا لأطعته |
|
إن المحب لمن يحب مطيع |
ولله درّ القائل : ـ
قالت وقد سألت عن حال عاشقها : |
|
لله صفه ولا تنقص ولا تزد |
فقلت : لو كان يظن الموت من ظمإ |
|
وقلت : قف عن ورود الماء لم يرد |
الفصل الثالث : درجات التقوى خمس : أن يتقي العبد الكفر ، وذلك مقام الإسلام ، وأن يتقي المعاصي والحرمات وهو مقام التوبة ، وأن يتقي الشبهات ، وهو مقام الورع ، وأن يتقي المباحات وهو مقام الزهد ، وأن يتقي حضور غير الله على قلبه ، وهو مقام المشاهدة (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فيه قولان : يؤمنون بالأمور المغيبات كالآخرة وغيرها ، فالغيب على