يعرج في مشيته ـ وهو يقول : أنا والله مشتاق إلى الجنة !! وابنه يعدو في أثره حتى قتلا جميعاً (١) .
ولا ننسى هنا موقف زوجته السيدة هند بنت عمرو ، فإنها فقدت زوجها عَمراً وابنها خِلاداً ، واخاها عبد الله ، وقد حملتهم جميعاً على بعير لتدفنهم في المدينة .
فقيل لها : ما وراءك ؟
فقالت : أما رسول الله ، فهو بخير . وكل مصيبةٍ بعده جَلَلْ ؛ واتخذ الله من المؤمنين شهداء ! وبينما هي تسوق بعيرها وإذا به يبرك بهم ، فلما زجرته ، وقف ! فوجهته إلى المدينة ، فعاد وبرك ! فرجعت به إلى أحد ، فأسرع ، وكأنه لم يحمل شيئاً !!
فرجعت إلى النبي ـ وكان لا يزال في أحد ـ وأخبرته بما جرى ! فقال ( ص ) : إنه لمأمور ! هل قال زوجك ـ حينما خرج ـ شيئاً ؟
قالت : نعم ، إنه لما توجه إلى أحد ، استقبل القبلة ، ثم قال : اللهم لا تردني إلى اهلي .
فقال لها ( ص ) : إن منكم ـ يا معشر الأنصار ـ من لو أقسم علىٰ الله ، لأبره ! منهم زوجك : عمرو بن الجموح . ثم دفنهم رسول الله ( ص ) وقال لهند : يا هند ، لقد ترافقوا في الجنة ثلاثتهم ،
فقالت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني معهم ، فدعا لها بالخير (٢) .
____________________
(١) : شرح النهج ١٤ / ١٦١ .
(٢) : شرح النهج ١٤ / ٢٦٢ .