قريش ، ورجا كل واحد منهم أن يكون صاحب الراية وكان علي في تلك الحال أرمد لا يكاد يبصر أمامه ، ولما سمع مقالة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قال : اللهم لا معطي لما منعت ، ولا مانع لما أعطيت » .
فأصبح رسول الله واجتمع إليه الناس كل يرجوها له ، حتى روي عن عمر أنه قال : إني ما أحببت الإِمارة إلا ذلك اليوم ، وتمنيت أن أعطى الراية بعد أن سمعت ذلك من رسول الله .
قال سعد بن أبي وقاص : جلست نصب عينيه ، ثم جثوت على ركبتي ثم قمت على رجلي قائماً رجاء أن يدعوني ! فقال ( ص ) : إدعوا لي عليّاً . فصاح الناس من كل جانب : إنه أرمد رمداً لا يبصر موضع قدمه . فقال : إرسلوا إليه وادعوه ! فأتي به يُقاد . فوضع رأسه على فخذه ، ثم تفل في عينيه ، فقام وكأن عينيه جزعتان . وبرء من ساعته ، وقال له : خذ الراية ، ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك .
فقال له عليّ : على ماذا أقاتلهم يا رسول الله .
قال : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم . ثم دعا له .
قال
سلمة بن الأكوع ، فانطلق عليّ عليه السلام يهرول هرولةً ونحن خلفه نتتبع أثره ، حتى ركز الراية بين حجارة مجتمعة تحت الحصن ، فاطلع إليه يهودي من أعلى الحصن وقال : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب . قال اليهودي : « علوتم ! وما أنزل على موسى !! » (١)
وخرج إليه اليهود يتقدمهم أبطالهم ، وفيهم الحارث أخو
____________________
(١) : وفي الكامل ٢ / ٢٢٠ : فاشرف عليه رجل من يهود فقال : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب . فقال اليهودي غُلبتم يا معشر اليهود . وفي بقية المصادر والمراجع بمضمون واحد . وقوله : وما انزل على موسى : أي قسماً بما أنزل على موسى .