امسك بزمامها ، تروح ثم تغدو إليه آخر الأمر .
وأدرك عليٌّ أبعاد هذه الشورى وما انطوت عليه من تدبير ، فلقي عمه العباس وقال له : « عُدِلتْ عنا ! » يعني الخلافة .
قال له : وما أعلمك ؟
قال : قرن بي عثمان ثم قال إن رضي ثلاثةٌ رجلاً ، ورضي ثلاثةٌ رجلاً ، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ! فسعدٌ لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون ، فلو كان الآخران معي ما نفعاني . (١)
وكان عمه العباس قبل ذلك قد أشار عليه باعتزال هذه الشورى والترفع عن جلساتها محذراً إياه بأنه سيلقى ما يكره . فكان جواب علي له : « انني أكره الخلاف ! »
والحق أن بغضه للخلاف ليس وحده هو الدافع لمشاركته لهم في هذا الأمر ، سيما بعد أن استبق النتيجة وعلم الأمر سيكون لغيره ، بل هناك دافع آخر للمشاركة معهم ، وهو يتلخص : « في أن لعلي مذهباً في السياسة ؛ مثاليّاً واقعيّ المثالية ، لا يتنازل عنه إلا أن يتنازل عن نفسه وشخصيته ؛ وما أظنك مغالياً إذا ظننت أن مذهبه هذا أعان خطة الشورى المكشوفة المقنّعة على النَجاح ، كما اعان على علي نفسه قبل الشورى وبعدها مراتٍ عديدة . (٢)
____________________
(١) : العقد الفريد ٤ / ٢٧٦ وغيره .
(٢) : حليف مخزوم ١٧٢ ـ ١٧٣ .