قال : فكنا نحتلب ، فيشرب كل انسان منا نصيبه ، ونرفع للنبي ( ص ) نصيبه . فيجىء ( ص ) ليلاً فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ، ويسمع اليقظان ، ثم يأتي المسجد فيصلي ، ثم يأتي شرابه فيشرب . (١) .
وفي هذه الأثناء تحصل مواقف نادرة بينه ( ص ) من جهة وبين اصحابه من جهةٍ أخرى ، وهي بالإِضافة إلى ما تنطوي عليه من اقتباس الحكمة منه صلوات الله عليه والتوجيه الرفيع ، فإنها لا تخلو من ظرف وخفة روح من جانب بعض أصحابه أحياناً ونجده في هذه الحالات يعاملهم معاملة الأب لأبنائه دون قسوةٍ او غلظة وربما أنبههم إلى الخطأ أو الغلط بأسلوب هادىء مقنع لا يملك معه مستمعوه إلا الإِذعان والإِنقياد ولوم النفس على التفريط إن كان هناك تفريط أو تسامح ، كما حصل للمقداد حين كان في ضيافته صلّى الله عليه وآله على ما جاء في تتمة الرواية .
قال : فأتاني الشيطان ذات ليلةٍ ، وقد شربتُ نصيبي ـ من اللبن ـ فقال : محمدٌ يأتي الأنصارَ فيتحفونه ، ويصيب عندهم ، ما به حاجة إلى هذه الجرعة .
فأتيتها فشربتها ، فلما أن وغلت (٢) في بطني ، وعلمتُ أنه ليس إليها سبيل ، ندَّمني الشيطان ، فقال : ويحك ؟ ما صنعتَ ؟ أشربتَ شرابَ محمد فيجيء فلا يجده ، فيدعو عليك فتهلك ، فتذهب دنياك وآخرتك . !
وعليّ شملة ، إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي ، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي . وجعل لا يجيئني النوم ، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت .
قال
: فجاء النبي ( ص ) فسلّم كما كان يُسلّم ، ثم أتى المسجد ، فصلى
____________________
(١) للرواية تتمة تأتي .
(٢) وغلت : أي استقرت وتمكنت في بطنه .