ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيءً ، فرفع رأسه الى السماء .
فقلت : الآن يدعو عليّ فأهلك ، فقال : « اللهم أطعم من أطعمني ، واسقِ من سقاني . » قال : فعمدت الى الشملة فشددتها عليّ ، وأخذت الشفرة ، فانطلقت الى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله ( ص ) ، فإذا هي حافلة (١) واذا هن حفل كلهن ، فعمدت الى إناءٍ لآل محمد ( ص ) ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه . قال : فحلبت فيه حتى علته رغوة ، فجئت إلى رسول الله ( ص ) فقال :
أشربتم شرابكم الليلة ؟
قال : قلت : يا رسول الله ؟ اشرب .
فشرب ، ثم ناولني ، فقلت : يا رسول الله ، إشرب . فشرب ، ثم ناولني .
فلما عرفت أن النبي قد روي ، وأصبتُ دعوته ، ضحكتُ حتى القيت إلى الأرض .
قال : فقال النبي ( ص ) : إحد سوآتك (٢) يا مقداد .
فقلت : يا رسول الله ، كان من أمري كذا وكذا ، وفعلت كذا .
فقال ( ص ) : ما هذه إلا رحمةٌ من الله (٣) آفلا كنتَ آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها .
قال
: فقلت : والذي بعثك بالحق ؛ ما أبالي إذا أصبتَها وأصبتُها معك
____________________
(١) : حافلة : أي أن ضرعها ملآن باللبن .
(٢) : احدى سوآتك : أي انك فعلت سوآة من الفعلات ، فما هي ؟
(٣) : اي أن أحداث هذا اللبن في غير وقته وخلاف عادته ، رحمة من الله .