قال الواقدي وابن اسحاق : وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله كفاً من البطحاء فرماهم بها ، وقال : شاهت الوجوه ! اللهم ارعب قلوبهم ، وزلزل أقدامهم ، فانهزم المشركون لا يلوون على شيء ، والمسلمون يتبعونهم يقتلون ويأسرون . (١)
وكان بلال بن رباح الحبشي يعجن عجيناً ، فبصر بأمية بن خلف (٢) فترك العجين وصاح بأعلى صوته : يا أنصار الله هذا أمية بن خلف رأس الكفر ، لا نجوت إن نجا . فاحاطوا به حتى جعلوه في مثل المسكة (٣) وقتلوه مع ولده علي بن أمية .
وكان المقداد قد أسر النضر بن الحارث ، فلما خرج النبي ( ص ) من بدر وكان بالأثيل (٤) عرض عليه الأسرى ، فنظر إلى النضر بن الحارث فأبدَّه البصر ، فقال لرجل إلى جنبه : محمد والله قاتلي ! لقد نظر إلي بعينين فيهما الموت ! فقال الذي إلى جنبه : والله ما هذا منك إلا رعب !
فقال
النضر لمصعب بن عمير : يا مصعب ، أنت اقرب من ههنا بي
____________________
= علي وتناوله ، فوالله ما رمت مكاني حتى قتله » . سيرة المصطفى ـ ٣٤٧ وفي شرح النهج ، قول عمر لسعيد : ما لي أراك معرضاً كأني قتلت أباك ! إني لم أقتله ولكن قتله أبو حسن ، ـ و كان علي عليه السلام حاضراً ـ فقال : اللهم غَفراً ! ذهب الشرك بما فيه ، ومحا الإِسلام ما قبله ، فلماذا تَهاجَ القلوب ؟! فسكت عمر . وقال سعيد : لقد قتله كُفءٌ كريم ، وهو أحب الي من أن يقتله من ليس من بني عبد مناف ـ ١٤ ـ ١٤٤ ـ ١٤٥ .
(١) : شرح النهج ١٤ ـ ١٤٦ .
(٢) : كان أمية بن خلف من جبابرة قريش وعتاتهم ، وكان يعذب بلالاً في مكة ، يخرج به إلى الرمضاء إذا حميت فيضجعه على ظهره ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فيضعها على ظهره ، ثم يقول له : لا تزال هكذا ، أو تفارق دين محمد . فيقول بلال : أحد . . أحد . . كما في شرح النهج ١٤ ـ ١٣٨ .
(٣) : المسكة : السوار .
(٤) : الأُثَيْل : تصغير الأَثْل ، موضع قرب المدينة .