فلما غلب المسلمون ؛ كسر جفن سيفه وجعل يقول : الموت أحسن من الفرار ! يا للأوس ؛ قاتلوا عن الأحساب واصنعوا مثل ما أصنع . فكان يدخل بالسيف في وسط المشركين حتى يقال لقد قُتل ! ثم يخرج من بينهم ويقول : أنا الغلام الظفري ، حتى قتل منهم سبعة رجال ، وأصابته جراحات كثيرة فضعف عن القتال وهوىٰ الى الأرض ، فمر به قتادة بن النعمان ، فقال له : يا أبا الغيداق ، قال قزمان : لبيك !
قال : هنيئاً لك الشهادة .
قال قزمان : والله ما قاتلت ـ يا أبا عمرو ـ إلا على الحفاظ حتى لا تسير قريش فتطأ سعفنا !
ثم إشتد عليه جرحه ، فأخذ سهماً فقطع به رواهشه ، فنزف الدم فمات .
وكان رسول الله ( ص ) يقول فيه : إنه من أهل النار ! (١)
مقتل اليمان وثابت بن قيس
وفي
هذه الفوضى الحادة قتل اليمان ـ والد حذيفة ـ وثابت بن قيس ، وكانا قد تخلفا في المدينة بأمر من الرسول صلّى الله عليه وآله لأنهما شيخان كبيران ، فقال أحدهما للآخر : آلا نأخذ أسيافنا ونلحق برسول الله ؟ فاتفقا على هذا الرأي ، وأقبلا مسرعين نحو المعركة وقد اشتبه عليهما موقع أصحابهما فدخلا من جهة المشركين ، فإلتفّت جماعة بثابت بن قيس فقتلوه ، واستطاع أبو حذيفة أن ينفذ حتى صار بين المسلمين ـ وهم لا يعرفون المسلم من غيره ـ فإتجه إليه بعض المسلمين وضربه بالسيف ، وابنه حذيفة يصيح :
____________________
(١) : شرح النهج ١٤ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ وغيره .