العلم ، شروط غير لازمة للنظر الصحيح . قال المحقق الطوسي (۱) في التجريد : وحصول العلم عن الصحيح واجب ولا حاجة الى المعلم . نعم لا بد من الجزء الصوري ، وشرطه عدم الغاية وضدها وحضورها ( انتهى ) (۲) .
وجعل بعضهم ضمير شرطه راجعاً الى حصول العلم لا الى الصحيح كما ذهب اليه الشارح الجديد للتجريد (٣) .
قلت : ضمير شرطه راجع الى الجزء الصوري ، كما يدل عليه الاستدراك في ( نعم ) والمراد بالجزء الصوري فصل النظر . فان حدّ النظر ، الحركة الذهنية بقصد تحصيل مجهول . فالحركة الذهنية جنس له ، بمنزلة الجزء المادي ، وبقصد تحصيل مجهول ، فصل له بمنزلة الجزء الصوري .
والحاصل ان النظر ، مجموع الحركة الذهنية ، والقصد بها الى تحصيل المجهول ، ومعلوم اشتراط الامور الثلاثة فيه . فالمعنى ان حصول العلم عن النظر الصحيح واجب ، أي ليس له شرط غير لازم للنظر الصحيح ، فان الشرط اللازم لا ينافي وجوب العلم عنه ، نعم يشترط في حصول النظر نفسه امور باعتبار جزئه الصوري . وانما ذكر هذه الشروط مع ان الحصول النظر في نفسه شروطاً غير ذلك ، كالعقل والعلم بالضروريات الاولية لان هذه الثلاثة مما كثر التوهم
_________________________
(۱) سلطان العلماء والمحققين ، الخواجة نصير الدين ، محمد بن محمد بن الحسن الطوسي الجهرودي كان فاضلا ، محققاً ، عالماً وصنف كتباً ورسائل نافعة نفيسة في فنون من العلم .
كان مولده الشريف بطوس في الحادي عشر من جمادى الاولى من السنة السابعة والتسعين بعد الخمسمائه . وتوفى رحمه الله تعالى في يوم الغدير من السنة الثانية والسبعين بعد الستمائه ، ودفن بجوار الامامين الكاظم والجواد عليهما السلام .
(۲) تجريد العقائد ( البحث في الكيفيات النفسانية ) .
(۳) هو القوشجي المتقدم ذكره في ص ۷۲ من هذا الكتاب .