قال المحقق الحلي (۱) في رسالته في أصول الفقه (۲) في بحث خبر الواحد ، في نظير هذا المقام : « لا يقال : لولا الاجماع لقلنا به لانا نقول : حيث منع الاجماع من اطراد هذه الحجة دل على بطلانها لان الدليل العقلي لا يختلف بحسب مظانة (۳) ( انتهى ) .
وذكر مثل ذلك في بحث القياس أيضاً . والا فلم يثبت بعد جواز التمسك بالظاهر ، وان عدتم عدنا .
وفيه انه خلط للحكم الواصلي بالواقعي ، لانه يجوز في البرهان العقلي على الحكم الواصلي ، اخراج بعض موارده ، بل كلها عن كونه مورداً له ببرهان آخر ، بخلاف البرهان على الحكم الواقعي ، وما نحن فيه من الاول .
وثانياً : لا نسلم كون الدلائل المانعة من اتباع الظن من أقوى الظواهر في المنع من العمل بالظاهر والذي مر قبل التنزل منع أصل الظهور .
وثالثاً : لو سلم فلا نسلم أنه يستلزم صدق الشرطية الاولى ، لان المتنازع فيه ظاهر ، لم يعارضه ما يساويه ، أو ما يكون أقوى منه . وهذه الدلائل قد عارضها استلزامها للنقيض ، لا يقال : لازمها أعم من النقيض فلتخصص بما عدا النقيض ويكفي فيما نحن فيه .
_________________________
(١) الشيخ الاجل الاعظم ، شيخ الفقهاء والمحققين ، أبو القاسم ، نجم الدين ، جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي . قال تلميذه ابن داود في وصفه : المحقق المدقق الامام العلامة ، واحد عصره ، كان ألسن أهل زمانه وأقولهم بالحجة ، وأسرعهم استحضاراً .
كان مولده الشريف سنة اثنين وستمائة ، وتوفى رحمه الله تعالى في صبيحة يوم الخميس ثالث عشر ربيع الاخر سنة ست وسبعين وستمائة .
(۲) الموسومة : بمعارج الاصول . وقد طبعت في ايران على الحجر .
(۳) معارج الاصول : ۸۳ ( الفصل الثاني ) المسألة الثالثة .