« جَاءَ رَبُّكَ » (۱) بمعنى جاء أمر ربك ، وقوله : « وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ » (۲) بمعنى أهل القرية ، ان كل ذلك مجاز .
فان دفع ذلك استعمالا ، فما ذكرناه دلالة عليه وان قال : لا أدفعه استعمالا ، الا أنى أقول انه حقيقة كان مخالفاً لاستعمال أهل اللغة واطلاقهم ، ويحتج عليه بالرجوع الى الكتب المصنفة في المجاز والوجه الذي يستعمل عليه المجاز كثير ولا ينضبط ، قد ذكر بعضه في الكتب ، ولا يجوز أن يكون مجاز ولا حقيقة له ، وانما قلنا ذلك لما بيناه من ان المجاز هو ما استعمل في غير ما وضع له ، واذا لم يكن له حقيقة لم يثبت هذا المعنى فيه ، ويجوز أن تكون حقيقة ولا مجاز لها .
ومن حق الحقيقة أن يعلم المراد بها بظاهرها ، ومن حق المجاز أن يعلم المراد به بدليل غير الظاهر ، والله تعالى قد خاطب بالمجاز كما خاطب بالحقيقة ، وكذلك الرسول عليه وآله السلام .
ومن دفع ذلك لا يلتفت الى قوله ، وليس ذلك بمؤدى الى الحاجة ، لان الله تعالى استعمل ذلك على عادة العرب في خطابها في استعمال الحقيقة والمجاز ، كما استعمل الاطالة تارة والايجاز اخرى ، كما استعملت هي ، فاذا جاز أحدهما جاز الآخر .
_________________________
(۱) الفجر : ۲۲ .
(۲) يوسف : ۸۲ .