ناش من عدم العقل لضرورة ان الفاعل بقول ( كن ) في فعل ما كأول تأثير النفس الانسانية في بدنها بريء من كل نقص ، وان الامكان الذاتي نقص .
ولكمال وضوح هذا اكتفى أبو عبد الله الصادق عليهالسلام بالدعوى فيما روي في الكافي ، في كتاب التوحيد ، في الحديث الثالث من الباب الاول عنه عليهالسلام انه قال في حديث طويل : اذا عجزت حواسنا عن ادراكه أيقنا انه ربنا بخلاف شيء من الاشياء ( الحديث ) (۱) .
وهذا على طبق قوله تعالى في سورة البقرة « وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » (٢) .
وفيه أيضاً ان التصديقات الحاصلة للنائم بسبب الرؤيا كلها كاذبة ، فهو ليس علماً بالغيب ، ولولاه لما اختلف تعبيرها . وقد روي اشتهار الرؤيا لاول عابر وكون بعضها دالا على وقوع مثل المصدق به ، وبعضها على وقوع نقيضه أو ضده بتوقيف من الله تعالى على انبيائه لا يلحقه بالعلم بالغيب بلا واسطة .
وأما الاستدلال على استحالته في اليقظة فهو انه ضروري لدين نبينا صلوات الله عليه وآله انه لا يعلم الغيب غير الله ، سواء كان عقلا أو نفساً الا باطلاعه رسوله .
وابن سينا مصدق لنبوته عليهالسلام ظاهراً بما يكفى لنا في اثبات هذا المرام ، وان كان منكراً له في الحقيقة ، حيث جعل علومه حاصلة باتصال بالعقول لا بالوحي الالهي .
واحترز بقيد كونه على طبقه عما يحدث عند الدعوى من الخوارق تكذيباً له .
_________________________
(۱) الکافي ۱ : ۷۸ .
(٢) البقرة : ٢٥٩ .