جائز ، لانه لا يحصل الالتباس ، وههنا كذلك ، فوجب أن لا يمتنع .
وروى عكرمة (١) عن ابن عباس (۲) ان هارون عليهالسلام مرّ بالسامري وهو يصنع العجل فقال : وما تصنع ؟ قال : أصنع ما ينفع ولا يضر فادع لي ، فقال : أللهم اعطه ما سأل . فلما مضى هارون قال السامري : أللهم اني أسألك أن يخور فخار . وعلى هذا التقدير يكون ذلك معجزاً للنبي صلىاللهعليهوآله ( انتهى ) (٣) .
والحق انه لو جعل خوار عجل السامري خواراً حقيقياً ، أمكن أن يقال : أنه مستمر التبعية لشرط معلوم بتوقيف سابق وقد مر عند قول المصنف ( و جرى ذلك مجرى المعجزات ) أنه ليس امثال ذلك من المعجز ، ولو كان غير مستمر التبعية ، لشرط معلوم بتوقيف سابق لم يجز عقلا أن يكون بعد دعواه الباطل ، بل ولا بعد قصده الى الباطل أيضاً .
وحينئذ يمكن أن يحمل قوله تعالى : « قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ » (۴) الاية ، على ان المراد : اني أخذت علم احياء الجماد من الانبياء ، فانه قد أوحى اليهم انه كل من فعل كذا وكذا بشروط كذا وكذا ، صار الجماد كذا وكذا حياً ، وأخذت ذلك منهم ، وهذا في الحقيقة معجزة للرسول الذي أوحى اليه ذلك .
_________________________
(۱) عكرمة مولى ابن عباس ، أصله من البربر ، وكان ممن ينتقل من بلد الى بلد ، مات سنة ( ۱۰۷ هـ . ) . وقيل غير ذلك .
(۲) أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وله ثلاثة عشر سنة مات سنة ( ٦٨ هـ . ) .
(۳) التفسير الكبير ۲۲ : ١٠٣ ـ ١٠٤ .
(٤) طه : ٩٥ ـ ٩٧ .