وهذا أولى مما قاله قوم : من أنه يجب حمله على انه اريد به جميع تلك الوجوه ، لانه لا يمتنع أن يكون أراد به بعض تلك الوجوه ، وأخر بيانه الى وقت الحاجة على ما نذهب اليه في جواز تأخير بيان المجمل عن وقت الخطاب .
وقولهم : انه لو أراد به بعض الوجوه لبينه ، ينعكس عليهم ، بأن يقال : ولو أراد به جميع الوجوه لبينه . وليس أحد القولين أولى من الآخر ، فالاولى الوقف . فان فرضنا ان الوقت وقت حاجة ، ولم يبين المراد من تلك الوجوه ، وجب حمله على جميعه ، (۱) لانه ليس حمله على بعضه بأولى من بعض .
فان
دل الدليل على أنه أراد بعض تلك الوجوه (۲) وجب حمله
_________________________
(۱) قوله ( وجب حمله على جميعه الخ ) الفرق بين كون الوقت قبل وقت الحاجة ، وبين كونه وقت الحاجة . بأن أحد القولين ليس في الاول أولى من الاخر ، بخلاف الثاني . لان التعارض في الاول انما هو بين كونه للجميع وبين كونه لبعض غير معين عند المخاطب . وفي الثاني انما هو بين الجميع وبين بعض معين معلوم عند المخاطب ، والمفروض انه لم يدل دليل على تعيين البعض ، فالحمل على بعض معين دون بعض معين آخر ترجيح بلا مرجح ، فيجب حمله على الجميع .
(۲) قوله ( بعض تلك الوجوه ) أي لا بشرط ارادة بعض آخر ، ولا يشترط عدم ارادته .