وقالوا
: لا يجوز أن يريد بقوله : « أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ » ( ۱ ـ ۲
) الجماع
_________________________
كانت جائزة للقطع بصحة قولنا : فلان طويل النجاد ، وان لم يكن له نجاد قط . وقولنا : جبان الكلب ، ومهزول الفصيل ، وان لم يكن له كلب ولا فصيل ( انتهى ) (۳) .
وهو مدفوع بان هذه الصور مجازات الصدق حده عليها ، لا كنايات كما يدل عليه الخلاف في جواز استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز معاً ، فاندفع ما توهمه من التدافع بين قول صاحب المفتاح : (۴) : ان الكناية لا ينافي ارادة الحقيقة ، وبين تصريحه بأن المراد في الكناية هو المعنى ، ولازمه جميعاً . و كذا بين كلامي صاحب التخليص (٥) : لان ارادة الشيء باللفظ أعم من استعمال اللفظ فيه ، ومن قصد افهامه بدون استعمال فيه ، بل في ملزومه فقط تدبر .
وجعل الكناية والصريح مما نحن فيه ، بأن يكون اللفظ مشتركاً بين معنيين يستعمل في أحدهما صريحاً وفي الاخر كناية ، وهذا قسم من المشترك . فيظهر حكمه من حكمه ، أو يكون له معنى واحد يستعمل فيه صريحاً وكناية ، و كون هذه الصورة داخلة في المتنازع فيه بعيد ، وقد عرفت ان المجاز في معنيين على حده أيضاً ، كالحقيقة والمجاز في عدم الجواز .
(۱) قوله ( أو لامستم النساء ) الملامسة كناية عن الجماع ، وصريح في اللمس
_________________________
(٢) النساء : ٤٣ .
(٣) المطول : ٣٢٤ .
(٤) مفتاح العلوم ، السراج الدين ، أبي يعقوب ، يوسف بن أبي بكر بن محمد ابن علي السكاكي المتوفى سنة ( ٦٢٦ هـ ) .
(٥) تلخيص المفتاح ، في المعاني والبيان . لجلال الدين ، محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي المعروف بخطيب دمشق المتوفى سنة ( ۷۳۹ هـ . ) .