الصريح يجرى أيضاً على هذا المنهاج ، وقوله : « أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ » (۱) ما كان يمتنع أن يريد به الجماع واللمس باليد ، لكن علمنا بالدليل (۲) انه أراد أحدهما وهو الجماع .
فأما ما ذكره أبو عبد
الله من قوله صلى الله عليه وآله : ( لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ) (۳) وان ذلك لا يمكن حمله على نفى الاجزاء والكمال من حيث كان (٤) نفى أحدهما يقتضى ثبوت الاخر ، فليس على ما ذكره . لانه متى نفى الاجزاء ، فقد نفى أيضاً الكمال ، لانه اذا لم يكن مجزياً كيف يثبت كونها كاملة ، فكيف يدعى ان في نفى أحدهما اثباتاً للاخر ، وكذلك اذا نفى الكمال لا يمتنع أن ينفى معه الاجزاء أيضاً ، لانه ليس في نفيه اثبات الاجزاء ، فلا يمكن
_________________________
العقلي في احدى صورتيها السابقتين أظهر منه في الاخرى ، وقوله ( أو لامستم ) مثال للكناية والصريح كما مر .
(۲) قوله ( علمنا بالدليل الخ ) أراد بالدليل ما يدل على عدم الجواز لغة أو القرينة الدالة على عدم ارادة الصريح ، ويؤيد الاخير قوله ( وهو الجماع ) .
(٤) قوله ( من حيث كان الخ ) لم يصريح أبو عبد الله بهذا فيما مرّ ، وقد مر بیان مراده وما يرد عليه . نعم سيجيء في ( فصل فيما الحق بالمجمل وليس منه ) ما هو قريب من هذا بتوجيه لا يرد عليه شيء .
_________________________
(١) النساء : ٤٣ .
(۳) سنن الترمذى ۲ : ۲٥ ( باب ۱۸۳ لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ) .