وذلك انه لا يمتنع أن يكون هؤلاء أصحاب الجمل وقد حصلت لهم المعارف بالله تعالى ، غير انهم لما تعذر عليهم ايراد الحجج في ذلك ، أحالوا على ما كان سهلا عليهم ، وليس يلزمهم (١) أن يعلموا ان ذلك لا يصح أن يكون دليلا الا بعد أن يتقدم المعرفة بالله ، وانما الواجب عليهم أن يكونوا عالمين ، وهم عالمون على الجملة كما قررناه ، فما يتفرع عليه الخطأ فيه (۲) لا يوجب التكفير ولا التضليل .
وأما الفرق الذين اشاروا اليهم من الواقفة ، والفطحية ، وغير ذلك ، فعن ذلك جوابان (۳) :
_________________________
(۱) قوله ( وليس يلزمهم الخ ) يعني لا يشترط في كونهم مؤمنين و خارجين عن التقليد علمهم ، بأن الاستدلال بالروايات على شيء انما يصح بعد المعرفة بالله على ما هو المشهور ، فالاستدلال بها على المعرفة دور ، وان كانت متواترة أو مشافهة .
(۲) قوله ( فما يتفرع عليه الخطأ فيه ) أي فالاستدلال الذي يتفرع عليه الخطأ في ان ذلك لا يصح أن يكون دليلا الا بعد المعرفة لا يوجب تكفيرهم لانه ليس من الاصول .
(۳) قوله ( فعن ذلك جوابان ) لعل المراد ان الاصحاب مختلفون في الجواب عن ذلك ، وكلام المصنف في آخر الدليل الثاني يدل على ان مرتضاه والجواب الثاني ، وكلامه في بحث العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الاخر ، يدل على ان مرتضاه الجواب الاول فليتأمل فيه .