كانت قبائح ، لكن بعضها أكبر من بعض وليس في الذنوب صغيرة وانما يكون صغيراً بالاضافة الى ما هو أكبر منه . ويستحق العقاب عليه أكثر .
ونحوه قول ابن عباس كل ما نهى الله عنه فهو كبير . ثم قال ومعنى الاية « إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ » في هذه السورة من المناكح وأكل الاموال بالباطل وغيره من المحرمات من أول السورة الى هذا الموضع . وتركتموها في المستقبل كفّرنا عنكم ما كان منكم من ارتكابها فيما سلف . ويعضده قوله سبحانه « إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ » . ثم قال : وروي ان رجلا قال لابن عباس كم الكبائر ، سبع هي ؟ فقال : هي الى سبعمائة أقرب منها الى سبع غير انه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع الاصرار ( انتهى ) (١) .
ويمكن ان يسمى على اصولنا ما تعلق به نهي التحريم الشرعي كبائر ما نهى عنه ، وما تعلق به نهي التنزيه أو نهي التحريم العقلي فقط صغائر ما ينهى عنه ، أو سيئات مكفرة لا يقال تكفير المكروهات واجب ، سواءِ اجتنب عن المحرمات الشرعية أو لا ، وكذا القبائح العقلية المحضة لقوله تعالى : « وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا » (۲) .
فما معنى الشرط في الاية ، لانا نقول : اطلاق السيئات ليس على المكروهات أو القبائح العقلية فقط ، بل على القدر المشترك بينها وبين المحرمات الشرعية فمعنى الاية ان تجتنبوا المحرمات الشرعية فكان سيآتكم منحصرة في المكروهات أو القبائح العقلية ، نكفّر عنكم سيآتكم ، لانحصارها حينئذ في المكروهات أو القبائح العقلية ، وان لم تجتنبوا وكان من جملة سيئاتكم المحرمات الشرعية ، فالتكفير متعلق بالمشيّة .
_________________________
(۱) مجمع البيان ۳ : ۳۸ ـ ۳۹ .
(۲) الاسراء : ١٥ .