والعلوم الضرورية على ضربين (۱) : ضرب منهما يحصل (۲) في العاقل ابتداءاً ، وهو مثل العلم بان الموجود لا يخلو من أن يكون قديماً ، أو غير قديم ، وان الجسم الواحد لا يخلو من أن يكون في مكان ، أو لا يكون فيه ، وان الذات لا بد من أن يكون على صفة ، أو لا يكون عليها .
_________________________
المصنف هنا . وهو فيما اذا كان المكتسب كثير المقدمات والترتيب . كما في القياسات المركبة الطويلة ، فانه قد يتوسط شك في اثناء النظر فيها ، في حصول بعض اجزائه السابق ، أو شبهة نعتقد معها عدم حصوله . فيتم جميع أجزائه في النظر الصحيح ، ولا يحصل العلم لعدم تذكره بعض أجزائه حين تمامه ، وهو شرط في توليده العلم .
(۱) قوله : ( والعلوم الضرورية على ضربين ) ذكر هذا التقسيم هنا ، لبيان معنى عدم امكان الدفع وتفصيله .
(۲) قوله ( يحصل في العاقل ابتداءاً ) المراد بحصوله ابتداءاً أن لا يتوقف على الادراك بقرينة المقابلة ، ولا ينافي ذلك توقفه على تصور النسبة ، أو عليه وعلى الواسطة اللازمة على القول بضرورية المتوقف عليها .
والمراد ( بالادراك ) ادراك الحواس الظاهرة ، والباطنة . فيدخل فيه البديهات والفطريات عند القائل بضروريتها ، والوجدانيات من الغير ، المتوقفة على ادراك الحواس الباطنة . وهي ما نجده لا بالالات البدنية ، كشعورنا بذواتنا وأحوالنا ، كالعلم بالعلم وغيره .
هذا وظاهر عبارة شارح المطالع (۳) وغيره ان الوجدانيات مطلقاً ، متوقفة
_________________________
(۳) مطالع الانوار : القاضي سراج
الدين ، محمود بن أبي بكر الارموي ، المتوفى