وانما قلنا ذلك (۱) لان ما لا يمكن الاستدلال به لا يكون دلالة ألا ترى ان طلوع الشمس من مشرقها لا يكون دلالة على النبوة ، لانه لا يمكن ذلك فيها من حيث كان ذلك معتاداً ، (۲) وطلوعها من مغربها يكون دلالة (۳) لامكان ذلك فيه .
وأثر اللص لا يسمى دلالة ، وان أمكن الاستدلال به عليه ، من حيث لم يقصد بذلك استدلال عليه ، وان سمى ذلك دلالة على بعض الوجوه ، فعلى ضرب من المجاز ، لانه لو كان حقيقة لوصف بانه دال وذلك لا يقوله أحد .
لانا نعلم انه يجتهد في اخفاء أمره ، وان لا يعلم به ، فكيف يجوز وصفه بأنه دال وتستعمل هذه اللفظة في العبارة عن الدلالة .
ولهذا يقول أحد
الخصمين لصاحبه ، أعد دلالتك . وانما يريد به كيفية عبارتك عنها وذلك مجاز . وانما استعير ذلك من حيث كان
_________________________
(۱) قوله ( وانما قلنا ذلك ) اشارة الى مجموع ما سبق ، والنشر على ترتيب اللّف .
(۲) قوله ( من حيث كان ذلك معتاداً )سيجيء معنى المعتاد في ( فصل في ذكر ما يجب بمعرفته من صفات الله تعالى ) عند قول المصنف ( وجرى ذلك مجرى المعجز ) .
(۳) قوله ( يكون دلالة ) أي مع مدخليته الدعوى ، كما سيجيء في ذلك الفصل أيضاً .