الذي يدل على ما يدل عليه ، حتى يصح (۱) أن يولد نظره العلم .
ولاجل ذلك نقول : ان من لا يعلم صحة الفعل (۲) من زيد لا يعلمه قادراً ، ومن لا يعلم وقوع الفعل محكماً منه ، لا يمكنه أن يستدل على كونه عالماً ، لما لم يكن عالماً بالجهة التي لكونه عليها يدل .
_________________________
(۱) قوله ( حتى يصح ) انما قال ذلك لانه ليس شرطاً للنظر مطلقاً ، بل للنظر الذي يتأدى الى المقصود ، كما يصرح به في قوله : ( وهذه العلوم التي ) .
(۲) قوله ( من لا يعلم صحة الفعل ) ظاهره نظراً الى قوله ( لما لم يكن عالماً بالجهة التي لكونه عليها يدل ) ان هذا أيضاً كالذي بعده من عدم العلم بوقوع الفعل محكماً ، مثال للعلم بالدليل مع عدم العلم بجهة دلالته ، بناءِ على أن يكون الدليل على قدرته ، فعله وصحته من جهة دلالته ، فما لم نعلم الصحة لم يمكن الاستدلال بفعله على قدرته وقس عليه الامثلة الباقية وهذا مناف بظاهره لما مر من قوله ( وانما قلنا انه أولى لان الذي يدل على كونه قادراً صحة الفعل عنه على وجه دون وقوعه ) .
ووجه التوفيق ما مر من أن الاولى جعل الصحة دليلا ، وان أمكن جعل أصل الفعل دليلا والصحة من وجه الدلالة ان قلت : المراد بصحة الفعل كون الفعل تابعاً للدواعي ، أي ان شاء فعل ، وان لم يشأ لم يفعل .
ويقابله
التعذر ، وقد استدل القوم على قدرة الله تعالى بما ليس نفس صحة الفعل بهذا المعنى ، ولا موقوفاً علمه على العلم بها ، بل الامر بالعكس ، كحدوث معلوله الاول زماناً عند بعض ، وكحدوث شيء ما من الحوادث اليومية ، بانضمام