ولهذا نقول : ان من لا يعلم ان قوله تعالى : « وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ » (١) كلام الله ، وان الله لا يجوز عليه القبيح (۲) ولا التعمية والالغاز في الكلام ، لا يمكنه الاستدلال به على وجوب الصلاة والزكاة .
_________________________
ما يرى انه يستلزمه من جواز الترجيح بلا مرجح على رأي الاشعري ، وكاستحالة النقص عليه تعالى ، وكون التعذر نقصاً ، وكاخبار النبي صلىاللهعليهوآله به ، وكدلالة المعجز على صدقة ، ضرورة بدون توقف على العلم بالقدرة وان كان متوقفاً على نفس القدرة كما سيجيء .
قلت : المقصود اثبات قدرة العبد كما يشعر به ذكر زيد ، ولما كان دلالة الحدوث على القدرة واستلزامه للترجيح بلا مرجح باطلا ، كما مر في المقدمة الثانية ، في آخر ذيل الجواب عن الشك الرابع ، وكان ما عداه غير جائز في العبد ، حكم بأنه لا يمكن العلم بقدرة العبد بدون العلم بصحة فعله ، على أنه يمكن أن يقال : ان التمثيل في صورة عدم العلم بدليل آخر في العبد .
(۲) قوله ( لا يجوز عليه القبيح ) أي لا يجوز عقلا ، والمراد بالقبيح القبيح في نفسه من دون ملاحظة شيء آخر ، كالكذب المحض ، وبالتعمية اخفاء المراد عن المخاطب يقال : عمي عليه اذا التبس . والتعمية التلبيس ، وبالالغاز جعل الكلام ذا وجهين ، ظاهر وخفي . والمراد الخفي عند المخاطب أو ذا وجهين كلما اعترض عليه من وجه ، تخلص عنه بالوجه الآخر . والالغاز من اللغز ، وهي جحر اليرابيع ، تكون ذات جهتين ، تدخل من جهة وتخرج من اخرى ، فاستعير
_________________________
(١) البقرة : ٤٣ .