في قوله ( من الوجه الذي يدل ) للابتداء . أي أخذاً ، أو شارحاً من الوجه الذي يدل في الحركة العودية التي هي من المبادىء الى المطلوب ، ولا ينافي ذلك انتهاؤه الى الوجه الذي يدل في الحركة الاولى ، التي هي من المطلوب ، الى المبادىء وقد مر عند قول المصنف ( ومن حق الدلالة الخ ) ان معنى ( الوجه الذي يدل ) جميع القضايا التي هي مباد اول للمطلوب . أي الضروريات التي يتوقف العلم بالمطلوب بسبب الدليل على العلم بها .
والنظر في الدليل من الوجه المذكور ، بعض أفراد النظر الصحيح ، لان نظر من يعلم مقدمتي الدليل بالكسب فيهما نظر صحيح وليس نظراً من الوجه المذكور بل هو جزء له . وتحرير الدعوى هنا يمكن على وجهين :
الاول : وهو الاظهر ، ان النظر في الدليل من الوجه المذكور قد يولد العلم ، وان كان بعض أفراده لا يولد العلم . ومعنى توليده العلم أن يوجبه عقلا من حيث أنه نظر ، أي بدون توقف على شيء خارج عن حقيقة النظر ، ليس من جنس النظر ، ولا لازماً لماهو من جنس النظر .
أما النظر المولد ، فهو النظر في الدليل الذي وجه دلالته لا يكون الا من القسم الاول من قسمي الضروري ، وهو الذي يحصل في العاقل ابتداءاً .
ويظهر بذلك أنه لا ينافي توليده العلم توقف العلم على تذكر أجزاء النظر السابقة في كل حد منه ، وقصد تحصيل المجهول ، وذلك لانهما جزءان لحقيقة النظر ، كما مر .
ولا توقفه في القياس المركب الكثير المقدمات على حركات ذهنية كثيرة غير معتبرة في حقيقة النظر ، لانها لا توجد في القياس المفرد ، مع وجود النظر فيه . وذلك لان هذه الحركات الذهنية من جنس النظر ، لان جزء النظر نظر يصدق حده عليه .