النبي صلّى اللّه عليه و اله سابق من الحفياء إلى ثنيّة الوداع على الخيل المضمرة، و من الثنيّة إلى مسجد بني زريق على الخيل غير المضمرة(١) ، فلو لم يعيّنا المبدأ أو لم يعيّنا المنتهى بأن شرطا المال لمن سبق منهما حيث سبق، لم يجز؛ لأنّه إذا لم تكن هناك غاية معيّنة فقد يديمان السير حرصا على المال و يتعبان و تهلك الدابّة.
و لأنّ من الخيل ما يقوى سيره في ابتداء المسافة ثمّ يأخذ في الضعف، و هو عتاق الخيل، و صاحبه يبغي قصر المسافة، و منها ما يضعف سيره في الابتداء ثمّ يقوى و يشتدّ في الانتهاء، و هو هجانها، و صاحبه يبغي طول المسافة، فإذا اختلف الغرض فلا بدّ من الإعلام و التنصيص على ما يقطع النزاع، كما يجب التنصيص على تقدير الثمن في البيع، و الأجرة في عقد الإجارة.
و لأنّ ذلك يفضي إلى إجراء الخيل حتى تنقطع فتهلك، طلبا للسبق، فمنع منه.
و لو عيّنا غاية و شرطا أنّ السبق إن اتّفق في وسط الميدان كفى و كان السابق فائزا، فالأقرب: المنع - و هو أحد قولي الشافعيّة(٢) - لأنّا لو اعتبرنا السبق في خلال الميدان لاعتبرنا السبق بلا غاية معيّنة، و لأنّه قد تسبق الفرس ثمّ تسبق، و الاعتبار إنّما هو بآخر الميدان، ألا ترى أنّهما إذا لم يشترطا أنّ السابق في خلال الميدان فائز فسبق أحدهما في خلاله و سبق الآخر في آخره يكون السابق الثاني.٧.
١- تقدّم تخريجه في ص ٦، الهامش (٥).
٢- الوسيط ١٧٧:٧، الوجيز ٢١٨:٢، البيان ٣٧٤:٧، العزيز شرح الوجيز ١٢: ١٧٨، روضة الطالبين ٥٣٤:٧.