ضعيفا يعلم قصوره عن الآخر، لم يجز؛ لأنّ الغرض الاستعلام، و إنّما يصحّ مع الجهل؛ لاستحالة تحصيل الحاصل، فمع العلم يكون الفعل عبثا، فوجب أن يشترط في المسابقة كون كلّ واحد من الفرسين بحيث يجوز أن يسبق الآخر، فلو كان أحدهما ضعيفا يعلم تخلّفه أو فارها يقطع بتقدّمه، لم يجز.
و كذا فرس المحلّل يجب أن يشترط فيه ذلك إن أدخلا المحلّل، فلو كان معهما فرسان عربيّان جوادان و معه برذون لا يسبقهما، لم يجز، و كان قمارا، و إن كان فرس المحلّل مكافئا لفرسهما جاز.
الشرط الثامن: إرسال الدابّتين دفعة، فلو أرسل أحدهما دابّته قبل الآخر ليعلم هل يدركه الآخر أم لا، لم يجز؛ لأنّه مناف للغرض من العقد.
الشرط التاسع: جعل العوض أو أكثره للسابق منهما أو منهما و من المحلّل، فلو جعل العوض لغيرهما لم يجز؛ لأنّه مفوّت للغرض من عقد المسابقة؛ إذ الغرض التحريض في طلب العوض و خشية المنع.
و جوّز بعض فقهائنا(١) أن يشترط أحدهما في العقد أن يطعم(٢) المال لحزبه.
العاشر: أن يستبقا على الدابّتين بالركوب، فلو شرطا إرسال الدوابّ لتجري بنفسها فالعقد باطل؛ لأنّها تتنافر بالإرسال، و لا تقصد الغاية، بخلاف الطيور إن جوّزنا المسابقة عليها؛ لأنّ لها هداية إلى قصد الغاية.
الحادي عشر: أن يجعلا المسافة بحيث يحتمل الفرسان قطعها، و لا ينقطعان دونها، فإن كانت بحيث لا ينتهيان إلى غايتها إلاّ بانقطاع و تعب».
١- لم نتحقّقه.
٢- في «د، ص»: «إطعام» بدل «أن يطعم».
بطل العقد.
الثاني عشر: عدم تضمّن العقد شرطا فاسدا، فلو قال: إن سبقتني فلك هذه العشرة و لا أرمي بعد هذا أبدا، أو: لا أناضلك إلى شهر، بطل العقد؛ لأنّه شرط ترك قربة مرغّب فيها، ففسد و أفسد العقد.
البحث الخامس: في الأحكام.
مسألة ٨٩٣: اختلف الفقهاء في
مسألة ٨٩٣: اختلف الفقهاء في(١) عقد المسابقة و المراماة هل هو لازم كالإجارة، أو جائز كالجعالة ؟
فقال بعضهم بالأوّل - و هو الأقوى - لعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (٢) مقتضاه: الأمر بالإيفاء بالعقد، و أصل الأمر للوجوب، و هو يستلزم اللزوم، و لأنّه عقد يشترط فيه أن يكون المعقود عليه معلوما من الجانبين، فكان لازما، كالإجارة، و هو أحد قولي الشافعي، و الثاني: أنّه جائز من الطرفين - و به قال أبو حنيفة، و هو الذي قوّاه الشيخ(٣) رحمه اللّه - لأنّه عقد يبذل فيه العوض على ما لا يوثق به، و لا تتحقّق القدرة على تسليمه، فكان جائزا غير لازم، كالجعالة و ردّ الآبق(٤).
ثمّ اختلف أصحاب الشافعي في محلّ القولين.
١- في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة زيادة: «هذا».
٢- سورة المائدة: ١.
٣- المبسوط - للطوسي - ٣٠٠:٦.
٤- الحاوي الكبير ١٨٣:١٥، نهاية المطلب ٢٤٠:١٨، الوجيز ٢١٩:٢، الوسيط ١٨٣:٧، حلية العلماء ٤٦٣:٥، التهذيب - للبغوي - ٨٩:٨، العزيز شرح الوجيز ١٩١:١٢، روضة الطالبين ٥٤١:٧، المغني ١٣٢:١١، الشرح الكبير ١٤٣:١١.