يترك حقّ نفسه.
و إن قلنا: إنّه جائز، فلكلّ منهما فسخ العقد، و أن يجلس و يترك العمل قبل الشروع فيه قطعا، و كذا بعد الشروع إن لم يكن لأحدهما فضل على الآخر، و إن كان لأحدهما فضل، فالأقرب: أنّه ليس له ذلك إلاّ برضا صاحبه، و إلاّ لزم أن لا يسبق أحد أحدا، و أنّه يعرض عن العمل إذا أحسّ بغلبة صاحبه له.
و لا خلاف في بطلان العقد على تقديري اللزوم و الجواز بموت الرامي و الفرس، و لا يبطل بموت الفارس إن قام الوارث بالتمام، على إشكال.
مسألة ٨٩٥: إن قلنا بجواز العقد، جازت الزيادة و النقصان في العمل و في المال بالتراضي.
و إن قلنا بلزومه، لم يكن لأحدهما الزيادة في العمل و المال و لا النقصان إلاّ أن يفسخا العقد الأوّل و يستأنفا عقدا آخر؛ لأنّ العقد تمّ و لزم بالإيجاب و القبول، فلا تتطرّق إليه الزيادة في أحد العوضين و لا النقصان منه، كالعقود اللازمة.
مسألة ٨٩٦: المال الذي جعل للسابق إمّا أن يكون دينا أو عينا.
فإن كان عينا - مثل أن يقول الباذل: سبّقتك هذه العشرة المعيّنة إن سبقتني فهي لك - لم يجز أخذ الرهن عليه و لا الضمان به؛ لأنّ الأعيان لا تستوفى من رهن و لا ضامن، فلم يصح فيها رهن و لا ضمان.
و إن كان في الذمّة، لا يصحّ الضمان و لا الرهن عليه قبل تمام العمل إن قلنا بأنّه عقد جائز، كالجعالة.
و للشافعيّة خلاف هنا كالخلاف بينهم في ضمان الجعل في الجعالة و الرهن به قبل تمام العمل(١).
و قد رتّب بعضهم الرهن على الضمان، فقال: إن لم يصح الضمان لم يصح الرهن، و إن صحّ الضمان ففي الرهن وجهان؛ لأنّ الضمان أوسع بابا من الرهن، و لذلك يجوز [ضمان](٢) الدرك، و لا يجوز الرهن به(٣).
و يخرّج من هذا الترتّب عندهم ثلاثة أوجه ثالثها: أنّه يصحّ ضمانه، و لا يصحّ الرهن به(٤).
هذا إذا(٥) قلنا بأنّه عقد جائز، و إن قلنا بأنّه لازم، جاز ضمان المال و الرهن عليه قبل العمل، و هو قول أكثر الشافعيّة(٦).
و قال القفّال منهم: إنّ وجوب البدأة بتسليم العمل يدلّ على أنّ المال لا يستحقّ إلاّ بالعمل، و حينئذ يكون ضمانه ضمان ما لم يجب، و جرى سبب وجوبه.
قال: و ضمان هذا أبعد من ضمان نفقة الغد، فإنّ الظاهر استمرار النكاح و الطاعة، و سبق من شرط له السّبق أمر [مغيّب](٧)(٨).٢.
١- العزيز شرح الوجيز ١٩١:١٢، روضة الطالبين ٥٤١:٧-٥٤٢.
٢- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
٣- نهاية المطلب ٢٤٢:١٨، العزيز شرح الوجيز ١٩١:١٢، روضة الطالبين ٥٤٢:٧.
٤- نهاية المطلب ٢٤٢:١٨، العزيز شرح الوجيز ١٩١:١٢، روضة الطالبين ٥٤٢:٧.
٥- في النّسخ الخطّيّة: «إن» بدل «إذا».
٦- نهاية المطلب ٢٤٢:١٨، العزيز شرح الوجيز ١٩١:١٢، روضة الطالبين ٥٤٢:٧.
٧- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «ضعيف». و المثبت كما في العزيز شرح الوجيز، و هو مفاد ما في نهاية المطلب.
٨- نهاية المطلب ٢٤٢:١٨-٢٤٣، العزيز شرح الوجيز ١٩٢:١٢.