و الهبة إلى القبض؛ لأنّ الدّين كالعين في جواز العقد عليه، فإذا افتقرت الهبة إلى القبض في العين فكذلك في الدّين.
و الوجه الثالث: أنّه لا يصحّ بيعه و لا هبته و لا رهنه؛ لأنّه غير مقدور على تسليمه، فجرى مجرى الآبق و المغصوب(١).
و منعه بعض الشافعيّة بأنّ الدّين على غير الجاحد مقدور على تسليمه، فهو جار مجرى الوديعة(٢).
قال بعض الشافعيّة: الخلاف في هبة الدّين على غير من هو عليه مبنيّ على الخلاف في بيع الدّين من غير من هو عليه، إن أبطلناه فكذلك الهبة، و هو الأصحّ عندهم، و إن صحّحناه ففي الهبة وجهان، كما في رهن الدّين.
و إن صحّحناه فهل يفتقر لزومها إلى قبض الدّين ؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، على قياس الهبات.
و الثاني: أنّه لا حاجة إلى القبض.
و على هذا فوجهان:
أحدهما: أنّه يلزم بنفس الإيجاب و القبول، كالحوالة؛ لأنّ المقصود أن يصير المتّهب بعد الهبة كالواهب قبلها، و الواهب كان مستحقّا من غير قبض.
و الثاني: أنّه لا بدّ من تسليط بعد العقد و إذن مجدّد، و يكون ذلك كالتخلية في الأعيان التي لا يمكن نقلها.
و إذا فرّعنا على أنّه يجوز رهن الدّين افتقر لزومه إلى القبضه.
١- لم نتحقّقه في مظانّه.
٢- لم نتحقّقه في مظانّه.