و من طريق الخاصّة: قول الصادق عليه السّلام: «لا تكون الهبة هبة حتى يقبضها»(١).
و لأنّها هبة غير مقبوضة فلا تلزم، كما لو مات قبل أن يقبض، فإنّ مالكا يقول: لا يلزم الورثة التسليم(٢).
و قال مالك: الهبة تلزم بالإيجاب و القبول من غير قبض(٣) - و هو القول القديم للشافعي(٤) - لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «الراجع في هبته كالراجع في قيئه»(٥) و القيء حرام.
و قال أحمد في أصحّ الروايتين عنه: إنّها إذا كانت معيّنة لزمت من غير قبض، كما لو وهبه درهما بعينه، و إن لم يكن معيّنا - كما لو وهبه قفيزا من صبرة أو درهما من دراهم - فلا بدّ من القبض؛ لأنّ هذا تبرّع، فلا يفتقر إلى القبض، كالوقف و الصدقة(٦).٦.
١- التهذيب ٦٥٤/١٥٩:٩، الاستبصار ٤٠٧/١٠٧:٤.
٢- البيان ٩٨:٨، المغني ٢٧٥:٦، الشرح الكبير ٢٧٧:٦.
٣- الإشراف على نكت مسائل الخلاف ١١٩٨/٦٧٣:٢، بداية المجتهد ٣٢٩:٢، عقد الجواهر الثمينة ٩٧٨:٣، الذخيرة ٢٢٨:٦، الحاوي الكبير ٥٣٥:٧، الوسيط ٢٦٩:٤، حلية العلماء ٤٨:٦، التهذيب - للبغوي - ٥٢٧:٤، البيان ٨: ٩٧، العزيز شرح الوجيز ٣١٩:٦، الإفصاح عن معاني الصحاح ٤٩:٢، المغني ٢٧٤:٦، الشرح الكبير ٢٧٦:٦، روضة القضاة ٣٠٤٧/٥١٧:٢.
٤- العزيز شرح الوجيز ٣١٩:٦، روضة الطالبين ٤٣٧:٤.
٥- ورد الحديث بلفظ: «العائد في هبته كالعائد في قيئه» في مسند أحمد ١: ٢٥٢٥/٤٦١، و صحيح البخاري ٢١٥:٣، و صحيح مسلم ٧/١٢٤١:٣، و سنن ابن ماجة ٢٣٨٥/٧٩٧:٢، و سنن أبي داود ٣٥٣٨/٢٩١:٣، و سنن النسائي (المجتبى) ٢٦٤:٦-٢٦٧، و السنن الكبرى - للنسائي - ٦٥٢٧/١٢٣:٤-٥ و ٦٥٢٨-٦، و السنن الكبرى - للبيهقي - ١٨٠:٦.
٦- حلية العلماء ٤٨:٦، العزيز شرح الوجيز ٣١٩:٦.
و الخبر محمول على ما بعد القبض، و القياس على الوقف و الوصيّة باطل؛ لأنّ الوقف إخراج ملك إلى اللّه سبحانه و تعالى، فخالف التمليكات، و الوصيّة تلزم في حقّ الوارث، بخلاف الهبة.